من قدر له زيارة محافظة العلا حيث يجتمع التاريخ الضارب في الأعماق بالحاضر المحفوف بالآمال لمستقبل يرنو إلى الإشراق بقوة تبهر الأحداق وتلوي الأعناق من شتى الأصقاع لتقرأ التاريخ ماثلا للأعيان في مدائن صالح حيث القصر الفريد ومقبرة الطبيب كهلان والديوان وقصور البنت ومزولة طنطورة ومسجد العظام الذي صلى به النبي صلى الله عليه وسلم عند غزوة تبوك، من قدر له زيارة العلا فلسوف يستعيد حضارات شتى لثمود ..للأنباط ..لدادان...للعصر الإسلامي، ولسوف يقف على أرض تروت بالماء فخصبت وطاب زرعها وثمارها، والأهم من كل ذلك أنه سوف يقف على إنسانها المضياف المحب المنفتح المتقبل للآخر.. ولا جمال لمكان دون إنسان ولو كان في جنات حسان !.. يومان قضيناها في العلا للمشاركة في ندوة تربوية وأمسية أدبية بدعوة وتنظيم من ملتقى المهن والفنون بإدارة تعليم العلا كانا كفيلان ببث السحر في النفوس ..كيف لا وما شاهدناه ينطق بثقافة رؤيتنا الطموحة 2030 ويؤكد أنه لم تنطلق إلا على أسس مكينة واستقراء واع لمقومات الوطن، لتؤكد أنها تتضمن – فيما اشتملت عليه – رؤية مستقبلية لثقافة متصالحة مع نفسها متسامحة مع شتى الحضارات والثقافات، أثناء جولتنا على مدائن صالح، حيث المساحات المتسعة كنت أهمس في أذن مضيفنا ابن العلا المنتمي لها جسدا وروحا الأستاذ إبراهيم القاضي لعلي أشاهد هذه المساحة قريبا وهي تحتضن آلاف السواح في آن واحد؛ مؤكدا على ذلك بما تتطلع له الرؤية السعودية. لم يأت إنشاء هيئة ملكية للعلا من فراغ وإنما هي كمن في سباق مع الزمن لتعويض ماتأخر من تطوير واستثماري سياحي للعلا ! حضرنا مهرجان (الخبزة) الشاهد على وفرة غلال أرض العلا المعطاءة من القمح وبراعة سيدات المجتمع (العلاوي) في تقديم شتى أنواع الخبز، هذا المهرجان الذي نظمته إدارة التعليم يشهد على وعي المجتمع واتساع مشاركة المرأة في حراكه وفعالياته، وهو الحراك الذي ينشد لمنطقة أجزم أنها من أكبر رهانات توجه الوطن السياحي؛ فلئن اشتهرت آثار مصر بأهرامها والأردن ببترائها، فلدينا أهرامات شتى في مدائن صالح، وما الخطوات المتسارعة التي اتخذتها الدولة من تدشين مطار وإنشاء هيئة ملكية وابتعاث لأبناء العلا إلا شواهد لمستقبل باسم ينتظر المنطقة وأهلها ورجال الأعمال المستثمرين فيها، ولكم حمدت هذه الجرأة في الاستثمار وهذه الثقة بقوة الرؤية من قبل رجال أعمال بادروا - من أمثال السيد فهد المغير - إلى المشاركة في احتياجات المنطقة من فنادق ومنتجعات، ففوجئنا بعد مسير في طريق ترابي لعدة كيلوات بمنتجع صحاري ولا أروع! شاليهات ومطعم وحدائق وسط الجبال.. بإيجاز إنها العلا مستقبل السياحة السعودية بل العالمية وسلة غذاء وطنية تحتضنها الجبال آمنة ظليلة... إنها العلا لمن علا ! ******* ** **