تحتضن المملكة اليوم أكبر تجمع استثماري في المنطقة، تحت مظلة منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» في نسخته الثالثة، لمناقشة وضع الاقتصاد والاستثمار المحلي والإقليمي والعالمي. منذ إطلاق نسخته الأولى، والمنتدى يحقق نجاحات مهمة ويرسخ موقعه ضمن المنتديات الاقتصادية العالمية. تُطلق الغالبية على المنتدى اسم «دافوس الصحراء» ما يضعه موازيًا له في الأهمية، والحضور العالمي، وبالرغم من التحفظ الذي أبداه مسؤولو «دافوس» على استخدام الاسم في الإشارة ل«مبادرة مستقبل الاستثمار»، لأسباب قانونية، و«تنافسية»، إلا أن غالبية التقارير الإعلامية المستقلة، تصر على استخدامه إيمانًا منها بأهميته وقيمته الاقتصادية التي نجح في تحقيقها بالرغم من قصر عمره الزمني. الأكيد أن الألقاب لا تهب التميز والكفاءة، غير أن مخرجات المنتدى في نسختيه الماضيتين صنعت التميز الحقيقي في جوانب مختلفة وأهمها الحضور العالمي، من رؤساء دول ومسؤولي حكومات من جميع القارات والمؤسسات المالية ونُخب من المستثمرين والاقتصاديين والشركات العالمية الكبرى، إضافة إلى الصفقات المهمة التي تعقد على هامش المنتدى، وما يتضمنه من ملفات اقتصادية واستثمارية نوعية ستسهم في تشكيل خارطة الاستثمار وخلق التنمية في المنطقة. وبالرغم مما تعرض له المنتدى من محاولات بائسة للتأثير على فعالياته العام الماضي، والحملة المنظمة التي استهدفت المشاركين بقصد منعهم من الحضور، إلا أنه نجح في إثبات وجودة وتحقيق أهدافه، وهاهو يعود اليوم وبقوة تعكس قدرة المملكة على تحقيق أهدافها الاستثمارية والمضي في إصلاحاتها الاقتصادية وشراكاتها مع الدول والشركات العالمية لتحقيق أهدافها الاستثمارية والاقتصادية. رسم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خارطة طريق الاقتصاد السعودي وفق رؤية 2030 وفتح أمامها باب الشراكات العالمية والاستثمارات الأجنبية، وأعطى صندوق الاستثمارات العامة دورًا محوريًا في تحقيق التنمية الاقتصادية والشراكات الاستثمارية الداعمة لبرامج الرؤية. وأحسب أن منصة «مستقبل الاستثمار» أحد أهم أدوات الصندوق لتحقيق أهدافه الاستثمارية والتنموية في آن. لم يقتصر دور المنتدى على الجوانب الاستثمارية والاقتصادية بشكل عام، بل تحول إلى منصة داعمة للعلاقات السياسية التي لا يمكن فصلها عن الشؤون الاقتصادية. فبالتزامن مع فعاليات المنتدى، ستعقد ثلاث قمم ثنائية لتعزيز الشراكات الإستراتيجية مع سويسرا والبرازيل والهند، ما يفتح آفاقًا مهمة من العلاقات السياسية المبنية على الشراكات الاقتصادية، ويعزز العلاقات السعودية مع دول العالم. ما زلت أعتقد أن الشراكات الاقتصادية المستدامة هي المحرك للعلاقات السياسية والمؤثرة فيها، وأحسب أن منصة «مستقبل الاستثمار» تقوم بدور مهم في تعزيز هذا الجانب. أختم بالإشارة إلى الموضوع الرئيس الذي سيناقشه المنتدى، والمعنون ب«ما هو مستقبل عالم الأعمال؟»، والمحاور الثلاثة الرئيسة وهي «مستقبل مستدام»، و«التقنية لمصلحة الجميع» و«مجتمع متقدم»، وجميعها رتبطت بشكل مباشر بأهداف رؤية 2030، ما يعني أن منصة «مبادرة مستقبل الاستثمار» تهتم بشكل رئيس بطرح كل ما له علاقة بالرؤية في جوانبها الاستثمارية والتنموية، لتعزيز المكاسب ودعم الجهود وخلق الشراكات الاستثمارية الداعمة لتحقيق تلك الأهداف الإستراتيجية.