يتكرر اسم بطرس بن ذياب بن يوسف الحلبي - رحمه الله - (1622–1709) في العديد من المخطوطات العربية المحفوظة في باريس منذ أواسط القرن السادس عشر ميلادي، ويبدو لهذه الشخصية مكانة وأهمية لدى ملك فرنسا لويس الرابع عشر 1643–1715 م، حيث أشرف الحلبي على تصنيف ونسخ وترجمة العديد من المخطوطات العربية التي يفوق عددها أكثر من (1228) مخطوطة فربما كان لها أثر واسع في ازدهار النهضة الثقافية الفرنسية آنذاك، ويبدو أن الحلبي من أوائل المستغربين العرب الذين أقاموا في باريس في تلك الحقبة التاريخية التي نادرا ما نجد عنها أخبارا إلا من خلال المراسلات الرسمية وبعض الوثائق المتفرقة. وتشير بعض المصادر حول إقامة الحلبي في باريس حيث أنه قدم مع البعثة الشرقية التي أرسلها السلطان آنذاك محاولاً لإحياء التحالف الفرنسي العثماني، ومن خلال هذه البعثة استقر الحلبي في باريس وعمل مترجمًا للقنصل سليمان آغا بالإضافة إلى اهتماماته باقتناء ونسخ المخطوطات حيث أثرى المكتبة الفرنسية في كم هائل من المخطوطات العربية التي تحمل في طياتها الكثير من الكنوز المعرفية المعاصرة بالإضافة إلى نسخ قيمة من القرآن الكريم بخطوط وأشكال وألوان مختلفة. إلى أن أعجب الملك لويس في هذه الشخصية وعينه أستاذا للغة العربية والسريانية في كلية الملك بالإضافة إلى مهام أخرى خاصة بالترجمة والسكرتارية وكل مايتعلق باللغات الشرقية. وأبدى اهتماما واسعا بجمع التراث الشرقي في مختلف العلوم وأهميتها، حيث أنشأ خزانة ضخمة في باريس وأصبحت من أهم المصادر الشرقية في أوروبا، إلى أن توفى في عام 1702 م وما زالت المخطوطات التي جلبها وعمل عليها تعرض في المكتبة الفرنسية الوطينة مصنفه باسمه (Pierre Dippy d›Alep ) تقديرا لهذه الشخصية التي أسهمت في ولادة نهضة جديدة في فرنسا بعدما اجتاح أوروبا وباء عظيم دمر القارة الأوروبية وشل حركتها لمدة طويلة، وما زالت الأمم العربية تنهل من هذه المخطوطات. ** **