وحده (العقاد- ت1964م) الذي قلل من أهمية السرديات الإبداعية عندي، وإن كنت قد أضعت شطراً من شبابي في قراءة/ يوسف السباعي، وإحسان عبدالقدوس، ونجيب محفوظ، ومحمد عبد الحليم عبدالله وآخرين. وذلك من خلال ما أُثر عنه قوله:- (لأن أقرأ بيتاً من الشعر أفضل من قراءة رواية) المصميات تهافت المبتدئين الأضوائيين على الضخ الروائي بعناوين خداعة، وطباعة أنيقة، وإخراج بديع، وإذا اشتريتها بأسعار عالية، وانتبذت من أهلك مكاناً قصيًا للقراءة، خاب أملك؛ حبكة مهلهلة، ولغة رديئة، ومفردات شائعة، وأسلوب ركيك، كله عوج، وأمتى. ومعاني ضحلة مكررة، وترهل ممل، وتسطح مخل، وتجربة فجة. الإبداع السردي يتطلب موهبة مصقولة: بالثقافة العميقة، الشاملة، والمعرفة بالعلوم المعيارية، واللغوية، والخبرة الواسعة، والتجربة الواعية، بحيث تتميز لغة الإبداع بأدبية السرد، مثلما يتميز الشعر بشعرية اللغة. السرديات ليست إنشائية. هناك حبكة يفتقر إليها الأدعياء، وحركة داخلية، لا يتوفر عليها المتسرعون وبناء يميز السرد عن النثر. طوفان ما يسمى بالقص يستحضر الزمان، والمكان، والشخصيات، والأحداث، ولكن بطريقة إنشائية تجد أركان الرواية، ولكنها مبعثرة هذه الإخفاقات خيبت الآمال، وأغرت الشباب بتسلق محاريب الفن ببضاعة مزجاة. النص السردي الذي لا يتوفر على متطلبات الفن القصصي، والروائي ليس جديراً بالقراءة، وإن أفتاك النقاد المتشايلون، وأفتوك. النقاد المجاملون المعذرون يحملون خطيئة استدراج المبتدئين. نحن بحاجة إلى نقاد لا تأخذهم بالحق لومة لائم. الرواية وحدها من بين فنون الإبداع اللغوي بحاجة إلى تجارب عميقة، لأنها تحكي تجربة، وتجسد واقعة ، وتروي حدثاً . الرواية لا يُحكم صنعها إلا الموهوب، ولا يمكن أن تذعن للمقتدر، مثلها كمثل الشعر. الفن-كل الفن- في النهاية:- - موهبة. - ثقافة. - تجربة. - وما سوى ذلك فهراء تذروه رياح النسيان. تلك حقائق لا يجوز تجاهلها، ولا التهاون بها. ومن رابه الأمر فليذهب إلى معارض الكتاب، ليرى طغيان القصص والروايات.