أزعم أنني أعرف الزميل سالم الهندي في الساحة الإعلامية الفنية أكثر من أيّ أحد آخر.. وفي كل الزملاء خير وبركة.. وهذه المعرفة تمتد لأكثر من 20 عامًا مضت. وقد شهدت علاقتي بسالم الهندي لحظات كثيرة من الشد والجذب والفترات الباردة، والرضا والغضب، ولكنها لم تشهد يومًا انعدامًا في الاحترام المتبادل والثقة والتقدير. أما اليوم، وبعد هذه السنوات الطويلة، فإنني وكشاهد على التاريخ، أجد سالم الهندي واحدًا من أبرز العاملين تحت إدارة صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز وأحد أكثرهم ثقة عنده. سالم الهندي في سنوات مضت، كان يمشي على حقول من الألغام ولم يستطع إرضاء جميع الفنانين من جهة ولا كل الإعلام من جهة ثانية، وفي كل الحالات بقي صامدًا وثابتًا، فيما كان الآخرون متحركين من ضفّة إلى أخرى وتحالفات، يُحاك بعضها في غرف مظلمة، كان سالم يعرف تفاصيل هذه الغرف والداخلين إليها والخارجين منها، كان يشعر بكل خطوة على الضفة الأخرى. سالم الهندي يعرف جيدًا أن لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة ويعرف جيدًا كيف يمسك بزمام الأمور من الوسط، ومتى يضرب ضربته وكيف يُمسك بمبادراته. الثقة التي بيني وبين سالم الهندي قديمة جدًا، وكان يخبرني بصفقات روتانا ويطلب مني عدم نشرها، لكنني لم أخن هذه الثقة يومًا، رغم أهميتها لي في النشر، سنوات مضت لم أمسك فيها بسكين كي أطعنه في خاصرته على حين غفلة. البعض قد لا يعرف الطلبات «المعقدة» لبعض الفنانين، وربما غضب أحدهم من تفصيل بسيط قد لا تلحظه العين المجردة عند كافة الجماهير والمتابعين، وهذا الشيء طبيعي جدًا حال أغلبية الفنانين، وكان سالم يمتص كل هذا الضغط بطريقة عجيبة تستحق الإعجاب، وهذه المعلومات «العامة» يعرفها كل الفنانين. سالم الهندي يتعامل كل يوم مع فنان وملحن وكاتب كلمة وموزع موسيقي ومايسترو وإعلاميين من الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيونات من الشرق إلى الغرب، وكل واحد من هؤلاء له طلب وعتب ومحبة تختلف عن الآخر. أما محاولة الضرب من تحت الحزام، فقد تعرض لها سالم مرات ومرات وفي كل مرة يخرج من هذه المعركة أكثر قوة وصلابة، وكان بعض الفنانين العرب، يسلّطون إعلام بلدهم عليه في معارك لكسر العظم، وفي النهاية يكون له ما يريد، ويترك لهم الإدارة الإعلامية التي كانت تنتهي إلى خسارتهم. وقد أستذكر اليوم «بالعموم» محطات اختلفنا فيها مع سالم الهندي ووصل ذلك إلى قطيعة «قصيرة»، لكن الشيء الوحيد الذي لم نفعله مع أبي فواز، أننا لم ندخل في جوانبه الشخصية أو خيانة مجالسه، أو نتهمه بمحاربة الأغنية السعودية، مثلما فعل بعض المتحركين من رصيف لآخر. لا أعلم بالتحديد كم عدد الذين مروا على سالم الهندي من موسيقيين وفنانين وإعلام، لكنهم بالمئات وأكثر، ولا عدد المطبات التي واجهته في طريقه، أو الصعوبات التي تجاوزها بسياسة «عجيبة» ولافتة، أبو فواز دبلوماسي الفن بلا منازع. ما يميز سالم الهندي يمتلك «كاريزما» خاصة، وهذه «الميزة» تجعله يمتص الصدمات ومطبات الفنانين بطريقة سلسة ويعرف متى يقرّب هذا ويُبعد ذاك. روتانا شركة سعودية عريقة في مجال الإنتاج والتوزيع وصناعة المحتوى الترفيهي، وبدايتها لم تكن «ربحية»، ولكنها اليوم تحولت إلى «إمبراطورية» باتت محل ثقة الجميع وتسير في خطاها ضمن خطط إدارية وإستراتيجية، ولا محل للارتجال فيها. أكتب عن سالم الهندي الذي أعرفه جيدًا، وما أعلمه يقينًا، أنه ليس بحاجة إلى هذه المساحة التي تأخرت عشرين عامًا، لكنه يعلم جيدًا موقفي منه.