بما أنني إنسانة تحب الذكريات وتصنعها كثيرًا, ولا أزال كل سنة احتفظ بتلك الذكريات وتواريخها، فقد أخبرتني صديقة لي ذات مرة أنه لطالما كانت تلك الذكريات بعد فترة بالنسبة لها هي لحظات حزن. كانت تخلو بنفسها كثيرًا وتخبر ذاتها بأنه رغم كل هذا الحزن الذي بداخلها وكل تلك الذكريات التي خنقتها، لم لا تبكي؟! تتساءل أين هي دموعي؟! كانت في سعادة غامرة حتى فترة طويلة لكن في لحظة ما انتهى كل شيء بالنسبة لها، كل شيء بات أسود أمامها، لم تستطع مسح الذكريات الجميلة التي تحولت إلى ذكريات بائسة، ورغم هذا كله إلا أن الابتسامة كانت لا تفارق وجهها كلما تذكرت تلك الذكريات المتحولة! كان سؤالها لي: هل أصنع ذكريات جميلة مجددًا أم أنها ستكون بائسة أيضًا يومًا ما؟ وكيف أعيش بدون ذكريات وأنا غارقة فيها؟ هي لا تعلم متى سينتهي حزنها هذا كله ومع ذلك هي على ثقة بأن تركت شيئاً لله، وتنتظر العوض الأجمل منه، نظرت إلى صديقتي والحزن يملأ تفاصيل وجهها، قلت لها انظري لمن حولك, واعلمي أنهم لا يعلمون شيئاً عنك وأنت بالمقابل لا تعلمين شيئاً عنهم، وأنه لربما حالهم أسوأ من حالك! إنهم يتصنعون السعادة الخارجية، أخبرتها بأن لحظات الحزن يعقبها لحظات فرح أجمل، وأن كل عسر يتبعه يسر يبدده ويمحوه تمامًا، وأن تنتظر العوض الجميل من الله العلي القدير. ** **