من دأب على زيارة معرض الرياض الدولي للكتاب منذ سنوات وحتى هذا العام سيلاحظ هذا التبدل النوعي في أنماط العناوين المتاحة فيه. ليس المعرض وحسب، بل إن هذا التبدل طال نقاط البيع في المملكة. ففي السابق كان القارئ ينتظر معرض الكتاب حتى يُسارع لاقتناء الكتب التي يستحيل عليه الحصول عليها من المكتبات، وليته يجد كل ما يريد فالمنع كان يطال العناوين المشاركة في المعرض. تلك العناوين المستحيلة صارت الآن في متناول اليد إذ تزخر المكتبات بروائع الأدب العربي والعالمي وكتب الفلسفة وغيرها من الكتب التي كنا نفتقر إليها في مكتباتنا، كذلك الكتب التي كان اقتناؤها يتطلب عناء بحث شاق. كان القارئ يغادر المعرض مُحملاً بشحنةٍ من الكتب كالمؤونة التي يخشى أن تنضب قبل حلول المعرض التالي، واليوم صار البحث انتقائيًا حيث إن الكثير منها متاحة له في أي يومٍ من السنة، دون الحاجة للضغط على ميزانيته المالية في أيام المعرض العشرة. مما لا شك فيه أن هذا التحول وارتفاع سقف الحرية في اختيار ما نقرأ يثلج الصدر، إلا أن في الأمر غرابة، فبينما أتيحت كتب المفكرين والأدباء العرب والأجانب بقيت كتب بعض مفكرينا ومبدعينا السعوديين رهن المنع حتى الآن. فأين كتب د. تركي الحمد؟ وأين كتب الأستاذ يوسف المحيميد؟ وغيرهم؟ لماذا نضطر إلى البحث عنها في الخارج بينما الداخل يزخر بأسماء أجنبية تكتب بسقف حريةٍ عال فهل من العدل أن تبقى رهينة الاعتقال؟ هل ما زال الرقيب يمارس سطوته على الكاتب السعودي بينما يجيز الفكرة حين تأتي من آخر؟ أم أن كتبهم التي تم منعها مُسبقًا لا تستحق إعادة النظر لفسحها؟ كذلك معايير الفسح للطباعة يختلف عن الفسح المُعطى للتوزيع وذلك يتضح جليًا حين نقارن بين الكتب المنشورة خارج المملكة وتعامل ككتاب مستورد بفسح توزيع وبين الكتب التابعة لناشرٍ سعودي وتتطلب فسح طباعة وتوزيع. فحين يُمنع كتاب لناشر سعودي أو يتم مصادرة وحذف جزئيات منه نجد أن أفكارًا من القَالَب ذاته قد أُجيزت لناشر أجنبي وتفسح لتباع في المكتبات السعودية. وقد تجاز كتب خارجية تفوق الكتب السعودية جرأة وخوضًا بما تجده الرقابة ممنوعًا ورغم ذلك لا توجد مساواة، وهي ما أطالب به باسمي واسم كل كاتب طاله المنع. ففي ظل انتعاش مكتباتنا بعناوين انتظرناها، ما زلنا ننتظر الإفراج عن كتب مبدعي الوطن. ** ** - حنان القعود