لو أننا -اليومَ- نعيش فترةَ (الثمانينيات أو التسعينيات) لكان كلامنا من قبيل: «ما أرانا نقولُ إلا رجيعًا / ومُعادًا من قولِنا مكرورا»؛ ذلك أن الحديث عن تفوُّقِ المتفوق، أو ثباتِهِ واستمراريتِهِ في زمنٍ هو زمنُهُ، وفي زمنٍ ليس له منافسٌ غير أقرانه المألوفِين فذاك حديث لا يحمل الجدة والغيرية. وحينما يندلق حبر هذا النثار عن (المجلة الثقافية) بصحيفة «الجزيرة» بمناسبة عددها ال(600) تحسُن بنا العودة لتاريخ ولادتها الذي حمل رقمًا مميزًا هو (2003/3/3م) حينما وُلدت في حلة بهية، ومضمون قيِّم، فحركت راكد المشهَد الثقافي؛ ذلك أن توقيت ولادتها لم يكن في مطلع النهضة الأدبية الثقافية السعودية، ولم يكن في فترة غليان المعارك الأدبية أو صولة الحداثة، وإنما جاء في وقت بدأت تلوح فيه إمارات الانفضاض عن الثقافة وقضاياها في الصحف والمجلات، مرورًا بالأندية الأدبية؛ بفعل وسائل التقنية الحديثة التي بدأت -حينَها- الزحف على المشهد ثُم تسيدته، ومع هذا واصلت سفينة المجلة الثقافية إبحارها متخطيةً أمواج المتغيرات والتحولات، واصلت إبحارها لإيمانها بأهمية رسالتها الأدبية القِيَمية، ولإيمانها بحق المثقفِين في مساحة ثقافية أسبوعية ينثرون فيها إبداعاتهم، في وقتٍ نشهد فيه توقفًا تامًّا لملاحق ثقافية عريقة، وخفوتًا لوهج ملاحق ثقافية مماثلة، وانطفاءً لأقسام ثقافية في صحف محلية، ومع هذا حافظت (المجلة الثقافية) على توهجها متخذةً مسارات عدة -شكلاً ومضمونًا- تتواءم مع التحولات الحادثة، ولذا استطاعت أن تفي برسالتها وتظل واقفة في الزمن الصعب. شكرًا للمجلة الثقافية التي أمتعت ذائقتَنا طوال (16) عامًا ولا تزال، شكرًا لها أن فتحت -لي ولغيري- صفحاتها لنسكب عليها مشاعر وجداننا شعرًا ونثرًا، شكرًا للقائمِين بأمرها ولمشرفها الدكتور إبراهيم التركي الذي أخلص للثقافة وصدق معها فألبستْهُ قِيَمَها النبيلة.. وعمرًا مديدًا نرجوه لمجلتنا الثقافية. ** **