علاج المريض لم يعد مُجرَّد صرف الدواء أو التدخل العلاجي الطبي فقط، هذه ليست المهمة الوحيدة لمُقدمي الرعاية الصحية في العالم اليوم، ثمَّة خطوات إنسانية أخرى مُلزمة لتجويد تجربة المريض في رحلته العلاجية بدءاً من مواعيد الزيارة وسهولة الدخول للمنشآت الطبية ووضوح الرؤية والخطة العلاجية والحصول على الخدمة في الوقت المُناسب والمُحدَّد، وطريقة الاستقبال المتوافقة مع التوقعات وبالتالي على الفوز برضاه، إذا ما افترضنا أنَّ رضا المريض أصلاً رديف لتجربته أو انعكاس لها. حتى تهتم بالمريض وتحصل على رضاه عليك الاهتمام أولاً بمُقدمي الرعاية من حوله «الأطباء، المُمرضين، المُمارسين الصحيين، وحتى العاملين في المُستشفيات من الطواقم الإدارية» تحسين الحياة الوظيفية لكل هؤلاء وتأمين بيئة مُحفزة، بتخفيف الضغوط العملية عليهم، سينعكس على جود الخدمة والرعاية الصحية المُقدمة للمريض، نعيش في الرياض وعلى مدى ثلاثة أيام جلسات وفعاليات المؤتمر العالمي الثاني لتجربة المريض الذي تنظمه مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية، وهو حدث عالمي تجتمع فيه مُختلف الخبرات الطبية من أشهر المراكز والمؤسسات العلاجية العالمية لبحث كيف يمكن تحسين تجربة المريض والحصول على رضاه؟ كأحد محاور الاستراتيجيات الفاعلة لتحقيق رؤية 2030، بالاستعانة بالتقنيات الرقمية الحديثة ورفع مستوى الخدمة بالتعاطف والثقافة، وكخطوة إنسانية مشكورة تحاول مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية من خلالها أن تخفِّف ألم المريض ومُعاناته، وترفع من مستوى خدمة العاملين في المُستشفيات والمراكز الطبية. قياس مدى رضا المريض من أصعب المعايير، فمهما كانت الخدمة مُرضية لن يحصل مقدموها على العلامة الكاملة من شخص يتألم ويُعاني، ولكن تجويد وتحسين التجربة في هذه الرحلة العلاجية مُنذ بداية المرض وحتى الشفاء منها، مطلب وضرورة عند الجميع وعلى رأسهم وزارة الصحة، التي يقع على عاتقها علاج جميع المرضى بالجودة المطلوبة والمتوقعة ذاتها باختلاف تجاربهم وحالاتهم، في ظل غياب معايير متوافق عليها لقياس مدى الرضا، حتى مع الاستفتاء أو استطلاعات رأي المُستفيدين من الخدمات الصحية، ليتمثل الحل في وضع معايير وتحديد خطوات مُلزمة لتقديم الرعاية ولسد فجوة الاجتهاد التي تُحدث الفرق في التجارب، وهو ما يعني أنَّ الاستفادة من تجربة المراكز العالمية في هذا الجانب أمر في غاية الأهمية، ففي ظل المُنافسة المُستمرة بين القطاع الصحي الحكومي والخاص لتجويد وتحسين التجربة، لم يفز أحد بعلامة الرضا كاملة حتى الآن، ما يعني أنَّ رضا المريض يختلف تماماً عن تجربته، وهو ما يجب الانتباه له. وعلى دروب الخير نلتقي.