ظلت مدينة الملك فهد الطبية على مدى سنوات تقدم مثالاً رائعاً لتطبيق مفهوم التطوير المستمر لآليات تقديم الرعاية الصحية، بما يتوافق مع التقدم العالمي في هذا المجال، وبما يضمن توظيف أفضل السبل والآليات لتحقيق خدمة طبية أكثر سرعة وسهولة وجودة في الوقت ذاته، وقد تمثل أبرز نجاحات المدينة الطبية في قدرتها على تحويل خبراتها إلى مشاريع عمل نوعية يمكنها وضع أسس جديدة لنجاحات مستقبلية، وهو ما يمكن التعرف عليه بوضوح في فكرة وتأسيس "الإدارة التنفيذية للتكامل وتحقيق رضا المرضى" التي أنشأتها المدينة، لتكون أول إدارة تنفيذية في القطاع الصحي تهتم برضا بالمرضى. نحو عمل مؤسسي لإرضاء المستفيدين المدير العام التنفيذي لمدينة الملك فهد الطبية، الدكتور محمود اليماني أكد في حديثه ل"الرياض" أن هذه الإدارة جاءت انطلاقاً من أن رضا المستفيد عن الخدمات الصحية التخصصية يعد المقياس الأول لنجاح الأداء الذي تقوم به المدينة الطبية، مشيراً إلى أن إنشاء هذه الإدارة بوصفها الأولى في القطاع الصحي يعبّر عن الرغبة في استهلال مرحلة جديدة لتطبيق قيم إرضاء المرضى وفقاً لأكثر المعايير احترافية في المؤسسات الصحية. وأضاف اليماني أن المدينة الطبية تمتلك رؤيةً واضحةً، وهي أن تكون معياراً في تقديم الرعاية الطبية التخصّصية، ولديها رسالة تتمثّل في تقديم رعاية صحية تخصّصية وآمنة مبنية على البراهين ومعزّزة بالتدريب والتعليم والبحث العلمي، مشيراً إلى أن هذا التوجه يظل مرتبطاً بشكل مستمر بحالة من التقييم والتقويم بالاعتماد على المقاييس المهنية ودراسة متطلبات كل مرحلة، مع إيلاء الأهمية لأفكار المستفيدين ودورهم الأساسي في تطوير مستويات الخدمة الطبية المقدمة بكافة أشكالها. الاهتمام بمحور الرعاية الطبية الدكتور علي عسيري المدير التنفيذي للتكامل وتحقيق رضا المرضى قال إن فكرة الإدارة التنفيذية للتكامل وتحقيق رضا المرضى نشأت كاستجابة للحاجة إلى تطوير الخدمات الصحية بما يضمن أن يكون المريض هو محور الرعاية الطبية عبر الاهتمام بصحته ورحلته العلاجية، انطلاقا من أن علاج المريض ليس دواء فقط بل هو رحلة استشفائية يجب أن تضمن التعامل الحسن والراحة النفسية وتفهم احتياجات المريض كاملة. وأضاف "لهذا كان من الضروري إنشاء إدارة تنفيذية مستقلة، تقوم بمتابعة وتقييم رحلة المريض، واكتشاف فرص التطوير الممكنة، بالتكامل مع الإدارات الأخرى، لتحسين مستوى الخدمات الصحية المقدمة، ورفع مستوى الرضا. واعتمدت الإدارة في تشكيل المهام المنوطة لها، بأن تضمن وصول صوت المريض بالدرجة الأولى، عبر قنوات متعددة ليتسنى لها فهم ما يحتاجه المريض وإشراكه في عملية التطوير، وإيجاد حلول مستدامة للتحديات والصعوبات التي يواجهها المريض وذووه خلال الرحلة العلاجية، كل ذلك لأجل خلق بيئة تسهم في سرعة الاستجابة للخطة العلاجية. صوت المريض.. لتقييم الواقع وتطوير الخدمة وفي تعليقه على كيفية تحقيق رضا المريض والأدوات الأمثل لوصول صوت المريض، قال عسيري إن الإدارة التنفيذية للتكامل وتحقيق رضا المرضى اعتمدت عدداً من المشاريع الاستراتيجية وقنوات التواصل، ونوعت في طرق إشراك المريض كطرف أساسي في عملية تطوير الخدمات الصحية. وكانت البداية من خلال مشروع "صوت المريض" الذي يعتمد بالدرجة الأولى على الدراسات والاستبانات التي تعكس بشكل دقيق واقع الخدمات الصحية، وتستطلع رأي المرضى المستفيدين، لفهم الوضع الحالي من خلال منظور المستفيد من الخدمة، ويتم الاستبيان في محاور متعددة تغطي كافة جوانب الرعاية بشكل دوري ومتواصل في العام الواحد، حتى يتشكل وبطريقة واضحة مؤشر لقياس رضا المرضى على مدى السنوات وملاحظة نسبة التطور. وفي هذا السياق، أشار الدكتور عسيري إلى أن العام 2016 شهد عمل 8 استبيانات لقياس رضا المرضى المنومين، ومراجعي العيادات الخارجية، ومراجعي الطوارئ، والجراحة والاطفال وأيضاً تم عمل استبيان خاص برضا الموظفين، بالإضافة إلى 6 استبيانات أخرى في العام 2017 شملت رضا المرضى المنومين ورضا مراجعي العيادات الخارجية، رضا مراجعي الطوارئ، الجراحة، الاطفال، مستشفى النساء والولادة، مستشفى التأهيل الشامل. بالإضافة الى استبيان رضا الموظفين واستبيان الثقافة المؤسسية. أظهرت نتائج الاستبيانات التي تم عملها من 2015 – 2017 تحسناً في الأبعاد المتعلقة بتجربة المريض مثل تواصل الطاقم الطبي والتمريضي، بيئة المستشفى، معلومات الخروج وإدارة الألم. مبادرات متنوعة.. لمزيد من التفاعل يعد مشروع "صوت المريض" من المبادرات والبرامج التي تساهم في وصول صوت المريض للإدارة التنفيذية للتكامل وتحقيق رضا المرضى وقياس رضا المستفيدين، ومنها جولات قادة مدينة الملك فهد الطبية والتي تتميز بالالتزام التام ببناء ثقافة العناية بالمريض وتحفز التفاعل بين مقدمي خدمات الرعاية في كافة المستويات الوظيفية في المدينة الطبية، بهدف بناء ثقافة تدعم التغيير الإيجابي من ناحية التفاعل مع المريض، وتأمين الفرص للمديرين للتعرف على الأمور التي يواجهها الموظف المباشر، بالإضافة إلى تحفيز التواصل والمشاركة بين المرضى والمديرين التنفيذيين وموظفي الصف الأول فيما يختص برعاية المريض. ويشارك فيها قادة المدينة الطبية، وتشمل المدير العام التنفيذي والمديرين التنفيذيين والطبيين، والاستشاريين، والإداريين، ومسؤولي التمريض والخدمات الصحية والطبية المساعدة. وتشمل أيضاً مسؤولي أقسام المعلومات وإدارة الموارد البشرية. يقوم القادة بزيارة غرف المرضى بمجموعات مؤلفة من 4 – 5 أفراد للتواصل مع المريض مباشرة ومناقشة أمور الرعاية الصحية. كما يتواصل فريق القيادة مع عدد من موظفي الصف الأول من مقدمي الخدمة ويتم التفاعل عبر مناقشة الصعوبات التي تواجههم أثناء تقديم الرعاية الصحية. وفي هذا الصدد، احتفلت الإدارة التنفيذية للتكامل وتحقيق رضا المرضى في 12 ديسمبر 2017، بإتمام 10 جولات للقادة تمت خلالها زيارة 100 موقع (جناح، عيادات خارجية)، كما التقى فيها قادة المدينة الطبية مع أكثر من 200 مريض وأكثر من 100 موظف صف أمامي، كما تم جمع أكثر من 1200 تقرير من المرضى والموظفين، وتحليلها وإرسالها للإدارات المعنية وإيجاد الحلول ووضع المبادرات. المجلس الاستشاري للمريض والأسرة يتكون أعضاؤه من مرضى لهم تجربة علاجية عميقة في المدينة الطبية أو أحد أفراد عائلاتهم الذين عايشوا الرحلة العلاجية لمريضهم، ويترأس المجلس المدير العام التنفيذي والمدير التنفيذي للتكامل وتحقيق رضا المرضى، ويعقد المجلس بشكل دوري كل ثلاثة أشهر ويتم خلاله طرح تساؤلات ووجهات نظر أعضاء المجلس من المرضى. تحسين مهارات التواصل للأطباء. ومن خلال رصد صوت المريض عبر السنوات الماضية، ظهر عدد من فرص التطوير التي أجمع المرضى على الحاجة لتطويرها، منها تحسين مهارات التواصل للأطباء مع المرضى والذي بدوره يحسن من فهم المريض لحالته الصحية وكيف يتعامل مع المرض والعلاج، لأن تحسين تواصل الأطباء يوجد لدى المريض تقبل لحالته الصحية وفهم متطلباته الحياتية الجديدة وهذا بدوره يحسن من تجربة المريض العلاجية. (قيّمنا).. تكامل الرعاية والتقنية تم إنشاء برنامج (قيّمنا) الذي يهدف لرصد رأي المريض حول الرعاية الصحية المقدمة فور تلقيها وذلك من خلال تقييم مستواها بعد الانتهاء من زيارة الطبيب في العيادات الخارجية مباشرة، لضمان الحصول على رأي المريض الصحيح والمباشر لما بعد الخدمة ومتابعة المسؤول بعد ذلك. منجزات المدينة في تعزيز ثقافة تحسين تجربة المريض تفعيل دورة تدريبية لتعزيز مهارات التواصل لدى الأطباء. وقد تم حتى الآن عقد خمسين دورةو وتدريب 500 طبيب، كما بدأ العمل مع جهات خارج المدينة لتقديم الكورس لأطبائهم. يقوم بالتدريب 13 طبيباً استشارياً من مختلف أقسام المدينة تم تدريبهم وتأهيلهم في الولاياتالمتحدة الأميركية ليكونوا مدربين في تطوير مهارات التواصل لدى الأطباء. إطلاق البرنامج الإلكتروني "قيّمنا" Rate Us في مرحلته الأولى في العيادات الخارجية لتقييم الأطباء ومستوى تواصلهم مع المرضى فور انتهاء المريض من الحصول على الخدمة. هناك تحسن ملحوظ في معدل رضا المرضى خلال السنوات الثلاث الماضية -ولله الحمد- بمعدل 5-6 نقاط. ارتفاع معدل إغلاق الشكاوى التي تصلنا في وقت مناسب إلى ما يقارب 100%. تشكيل لجنة الحد من العنف داخل المنشأة. العمل على تطوير مركز الاتصال بالمدينة Call Center عبر شركات متخصصة لتسهيل حصول المريض والمستفيد على الخدمة دون الحاجة للحضور بشكل مباشر إلى مدينة الملك فهد الطبية. استكمال المرحلة الأولى من مشروع "وحدة الاستجابة الطارئة" من خلال تركيب الكاميرات في المواقع التي يشملها المشروع وكذلك نقاط الدخول Access Points والعمل مستمر لاستكمال المرحلة الثانية لتوفير بيئة عمل آمنة وفعالة. بدء تنفيذ مشروع إيجاد مقياس سعودي لقياس رضا المرضى المنومين يراعي الجوانب الثقافية وخصوصية المجتمع. عقد عدة فعاليات ضمن مبادرة صوت المريض وتشمل: استبيانات في أقسام وإدارات متعددة لتقييم الخدمة المقدمة من وجهة نظر المستفيد وبحث فرص التحسين الممكنة. إطلاق النسخة المحدثة من برنامج "أخبرنا" وهو نظام إلكتروني لإدارة شكاوى وملاحظات ومقترحات المستفيدين من الخدمة. عقد ملتقى "لأجلكم" حيث يتم إشراك أفراد المجتمع في طرح الآراء والملاحظات والمقترحات حول خدمات المدينة بهدف التطوير. اجتماعات دورية مجدولة للمجلس الاستشاري للمريض والأسرة. جولات القادة. اللقاء المباشر لسعادة المدير العام التنفيذي مع المرضى عبر الدائرة التلفزيونية الداخلية. إعداد سياسات وإجراءات وإطار مؤسسي لتنظيم عمل مجموعات الدعم في المدينة Support Groups وإنشاء مجموعات جديدة. إطلاق مشروع "وقت الهدوء" ضمن مبادرة "البيئة الاستشفائية". الانتهاء من إعداد وثيقة المعايير السلوكية لتنظيم العلاقة بين المستفيد من الخدمة ومقدم الخدمة Value- based behavior framework. بدء مشروع تصنيف مدينة الملك فهد الطبية كمنشأة تقدم رعاية محورها المريض مع منظمة Planetree العالمية. إطلاق مشروع التحول الثقافي للمنشأة Culture Transformation كأحد المشاريع الاستراتيجية. تدريب عدد من الموظفين عبر دورات متقدمة في مجال علاقات وتجربة المرضى. إرسال عدد من الموظفين لحضور مؤتمر عالمي متخصص في تجربة المرضى. إطلاق جوائز ومبادرات تدعم التحول الثقافي في المنشأة من خلال تحفيز الممارسات الإيجابية وتشمل: * جائزة النجم في تجربة المريض * جائزة التميز في تجربة المريض * جائزة "مبادرة " * مبادرة "شكرا". د. علي عسيري: التواصل الفعال مع المريض وإشراكه في تقييم الخدمة جزء مهم من العلاج