6 -تعدد صور الصيغة الواحدة يعدد أمثلة لا يكتفى بصورتها السطحية بل لابد من معرفة الصورة الباطنة أي البنية العميقة لها، وبهذا يتبين أن ما ظاهره الاختلاف باطنه الاتفاق، وأن مردّ الاختلاف في الظاهر أي البنية السطحية له قواعده الصوتية، فالاسم (أعزّ) هو على بنية (أكرم) (أَفْعَلُ) في الباطن ولكن بقاعدة التخلص من العلة القصيرة إذا وقعت بين صحيحين مثلين بالقلب المكاني أمكن نطق الصوتين مرة واحدة (أي أدغما): ء َ ع ز َ ز ُ ) ء َ ع َ ز ز ُ وكذلك للبنية العميقة (فَعَلَ) صور سطحية مختلفة عنها لتطبيق القواعد الصوتية (فالَ، فَعا، فعى، فعَّ)، ولعل هذا موضع توقف، فهذه صور صوتية ولذلك لا حاجة لذكر (فعى) مع (فعا). وأمثلتها كالآتي: قال: ق َ و َ ل َ ) ق َ ? َ ل َ ) ق َ َ ل َ (الوزن فالَ) دَعا: د َ ع َ و َ ) د َ ع َ ? َ ) د َ ع َ َ (الوزن: فعا) رَمى: ر َ م َ ي َ ) ر َ م َ ? َ ) ر َ م َ َ (الوزن: فعا) مَدّ: م َ د َ د َ ) م َ د? د َ ) م َ د د َ (الوزن: فَعَّ) وقال «أما دعوْتُ ورميْنا ومَدَدْتُم فجاءت على أصلها»(1). ولعل الضبط الصحيح لمددتم هو (مَدَدتُّم)؛ لأن الدال تدغم في التاء. وبين أن مثل هذا يقال عن صيغ لأخرى مثل استفعل وأفعلَ وفاعل وتفعّل. وأشار بعد إلى توقف بعض اللغويين الوصفيين المحدثين في محاولة العرب القدماء تفسير اختلاف هذه الصور، فأنيس فريحة يذهب إلى أنّ (قَوَمَ) من تعليل اللغوي كي يستقيم أمر (قام) مع الميزان (فَعَلَ)، وكذلك أنكر إبراهيم السامرائي أن تكون ألف (قال) أصلها واو متحركة ولا في (باع) ياء متحركة، قال أستاذنا «ولا أدري كيف يستطيع أيّ لغوي تفسير العلاقة بين قال وباع من جهة ويقول ويبيع وقول وبيع من جهة أخرى دون افتراض أن أصل قال قَوَلَ وأصل باع بَيَعَ. ومثل هذا يقال في العلاقة بين دعا ويدعو ودعوة إلخ. ولا أشكّ في أنّ القدماء كانوا على حقّ في محاولتهم تفسير هذه الظواهر اللغوية، وإن كنت أختلف معهم في بعض القواعد الصوتية التي اقترحوها لمثل هذا التفسير(قاعدة انقلاب الواو والياء ألفا، مثلا)»(2). 7-اختلاف العلة السابقة للصحيح الأخير(حركة ما قبل الآخر) يكسر ما قبل آخر اسم الفاعل وكذلك الفعل المبنيّ للمفعول (للمجهول): منتخب (م ُ ن ت َ خ ِ ب)، كُتِبَ (ك ُ ت ِ ب َ) ولكن هذه الكسرة تتخلف في مثل (محتلّ واحتلَّ ورُدَّ) فلا يفسر ذلك إلا بافتراض بنية عميقة هي: مُحْتَلِل واحْتُلِلَ ورُدِدَ، بكسر ما قبل آخرها، وبذلك يسهل تعليل حذف هذه الكسرة وهو ما ذكر سابقًا من وقوع العلة بين صحيحين مثلين فيخلص منها إما بقلب مكاني أو حذف، ومن الحذف: م ُ ح ت َ ل ِل ) م ُ ح ت َ ل ? ل ) م ُ ح ت َ ل ل فإن كان الحذف يؤدي إلى توالي ثلاثة أصوات صحيحة (التقاء ساكنين) كما في (مُسْتَغِلّ) كان القلب المكاني هو الحل كما في: م ُ س ت َ غ ل ِ ل ) م ُ س ت َ غ ِ ل ل وهكذا أمكن تفسير اختلاف طاهر (مستغِلّ) عن (مستقبِل) وبيان أنهما متماثلان في البنية العميقة الباطنة، وهذا ما لا يهتم به الواقفون عند حدود الوصف الظاهر. ** ** ** (1) داود عبده، دراسات في علم أصوات العربية، 2: 85. (2) داود عبده، دراسات في علم أصوات العربية، 2: 86.