تحاول وزارة التعليم عدم التدخل في قرارات الجامعات قدر الإمكان، حيث أعلنت عزمها على جعل أحد أسس نظام التعليم الجامعي الجديد، منح الجامعات مزيداً من الاستقلالية. هذا أمر مقدَّر ونطالب به، لكن لدينا أنظمة قائمة إحدى فقراتها المهمة تحدّد آلية المناصب القيادية في الجامعات، وجواز التمديد في المنصب الأكاديمي ومصطلح «يجوز» يعني ضمناً الاستثناء وليس القاعدة. لكن الاستثناءات أصبحت ملحوظة في بعض الجامعات، وهناك تراخٍ في تمكين قيادات جديدة ومن أمثلة ذلك: - منصب مدير الجامعة حدّد بأربع سنوات قابلة للتجديد، لكن ما يحدث هو التجديد والتمديد المستمر، مع تقديرنا للثقة الكريمة بأصحاب المعالي مديري الجامعات. - وكلاء الجامعات حدّدت فترة تعيينهم بثلاث سنوات قابلة للتمديد، وفق مسوغات معينة، لكن بعض الجامعات استمر وكلاؤها في مناصبهم لثلاث فترات وأكثر! - سن التقاعد المدني حدّد بستين عاماً ويجوز التمديد لأعضاء هيئة التدريس حتى سن الخامسة والستين بناءً على معطيات الحاجة العلمية والأكاديمية لخبراتهم، لكن بعض الجامعات تجاوزت السن لتضع من يفترض تقاعده في منصب قيادي، بدلاً من الاستفادة منه - إن كان متميزاً- في العمل البحثي والأكاديمي. وقد لا يسهل التمديد لأعضاء هيئة تدريس أساتذة في مجالهم بحجة عدم الحاجة الأكاديمية إليهم. - نظام التعليم العالي السعودي واضحة مناصبه القيادية؛ وكيل جامعة، عميد كلية، رئيس قسم ... إلخ. وبعض جامعاتنا اخترعت مناصب إضافية؛ مساعد الوكيل ومساعد العميد وغيرها من المسميات، وللمنصب بدل وله تستحدث إدارة وموظفون وتعقيد في دورة المعاملات البيروقراطية ... إلخ. تضخمت المناصب في بعض الجامعات وكأنه لم يكتف التوسع بتحويل الأقسام إلى كليات وتأسيس العمادات المساندة والمراكز المختلفة. - نظام التعليم العالي واضح في تعيين الوكيل والعميد ورئيس القسم وبعض جامعاتنا أصبح بعض الأشخاص يجمع أكثر من منصب؛ رئيس قسم وعميد، عميد ومساعد وكيل الجامعة، وهكذا. وأحياناً ينتقل من منصب قيادي بوكالة أو كلية أو عمادة إلى منصب قيادي بوكالة أو كلية أو عمادة لأخرى، ليبرر استمراره في منصب قيادي. نكرر إدراكنا ثقة وزارة التعليم بإدارات الجامعات والرغبة في منحها الصلاحيات وندرك أن التجديد والتعيين يتم بموافقة مجالس متنوّعة، لكننا ندرك أنها تراعي أو تسير وفق رغبة مدراء الجامعات بالدرجة الأولى. الملاحظات أعلاه وغيرها مما يصنف كمحسوبيات في التعيين موجودة في أكثر من جامعة. لدينا أكثر من 30 ألف عضو هيئة تدريس لن نعجز في اختيار المناسب منهم لشغل المنصب الأكاديمي والجامعات مهمتها تأهيل الكوادر البشرية ومنها القيادات عبر التمكين وإتاحة الفرص. الممارسات أعلاه تعيق ذلك وتقود للترهل والشللية وتهميش دور وأهمية تطوير العمل في الأقسام والكليات. الخلاصة: نحتاج للتأكيد على إتاحة الفرصة لكفاءات قيادية جديدة، وعدم تكرار التجديد للمسؤول أكثر من مرة واحدة، عند الحاجة، وعدم التوسع في استحداث المناصب غير المبررة، وعدم تعيين من تجاوز السن القانونية للتقاعد في منصب إداري وعدم التحايل على النظام بنقل الشخص من وظيفة قيادية إلى أخرى مماثلة في المستوى.