حين نتكلم عن الحركة الإبداعة والنقدية في العالم العربي عموماً وفي الخليج العربي على وجه الخصوص، تستوقفنا شخصية نقدية فذة ومبدعة، ذات بصمات إبداعية واضحة وعميقة، إنها للناقد السعودي الكبير الدكتور سعد البازعي، وهو من مواليد مدينة القريات في المملكة العربية السعودية عام 1953م، وقد تخرج في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها بجامعة الرياض، (الملك سعود حاليا) عام 1974م. ومن ثم أكمل دراساته العليا فحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة بوردو بالولايات المتحدةالامريكية عام 1978 و1983م على التوالي، فكان متابعاً علمياً مثابراً وذو همة عالية وإصرار كبيرين. ليعود بعد ذلك إلى وطنه الحبيب فيفيد أبناءه بما حصّله من ثقافة وعلوم وإبداعات، ولينشرها بين أبنائه الطلاب، فيغذي عقولهم وأفكارهم بها، فترتقي مداركهم وتسمو إبداعاتهم، وهو يعمل حاليا أستاذا للشعر الحديث، والنقد الأدبي في قسم اللغة الانجليزية وآدابها بكلية الآداب جامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية، الرياض. ولعمق أفكاره وإبداعاته الشعرية والنقدية التي حملها وأبدعتها قريحته وذائقته المميزة، نال الثقة العلمية، فتولى عدة مناصب علمية، وشغل كثيراً من المهام التعليمية الأكاديمية والإدارية، والتربوية، بالإضافة إلى نشاطه الثقافي الغزير الذي لا ينضب، كل ذلك جعله مرجعاً علمياً مهماً، فكان أن عين مستشاراً في وزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية، كما برزت لديه قدرته الكبيرة على الحوار والمناقشة والتجديد، فكانت شخصيته إلى جانب علميتها وعمقها الفكري، شخصية إعلامية من الطراز الرفيع، وهو ما أثمر عن تعيينه رئيساً لتحرير جريدة (الرياض ديلي)، فكانت له مقالاته العميقة والقيّمة. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل ارتقى الدكتور البازعي سلم النجاح والتفوق واستمرت مسيرته الإبداعية، حيث تولى إدارة مركز البحوث بكلية الآداب، ورئاسة قسم اللغة الإنجليزية وآدابها, بالإضافة إلى توليه رئاسة تحرير الموسوعة العربية العالمية، عام 1999م. وأما عن جهوده الثقافية والفكرية فقد كانت له بصماته الخالدة في الحركة الفكرية الثقافية في المملكة العربية السعودية، بوصفه باحثاً وناقداً أدبياً وذلك منذ مطلع عام 1984م, ليشارك في إنشاء و تأسيس وإدارة تحرير عدد من الدوريات والمجلات الأدبية في المملكة العربية السعودية لعلنا نذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر: ( قوافل, النص الجديد, التوباد). يشغل الدكتور البازعي اليوم منصب عضو في مجلس إدارة النادي الأدبي في الرياض، ورئيس تحرير الكتاب الدوري المحكم المسمى: (حقول)، إضافة إلى أنه يكتب مقالا ثقافياً أسبوعياً في جريدة الجزيرة السعودية، وفي صحيفة أخرى باللغة الإنجليزية في جريدة (الرياض ديلي). وأما على صعيد النشاط الفكري والتعليمي، فقد قدم كثيراً من المحاضرات على الصعيد المحلي داخل حدود المملكة العربية السعودية، وعلى الصعيد العربي والعالمي ليتجاوز حدود وطنه، لعلنا نذكر منها على الصعيد العربي: الإمارات العربية المتحدة، الكويت، ومصر، وعلى الصعيد العالمي: فرنسا، بريطانيا، واليابان. نشرت له كثير من الأبحاث والمقالات باللغتين العربية والانجليزية في العديد من الدوريات العربية والأجنبية, ونتيجة للقفزات الإبداعية الكثيرة والمكانة العلمية الكبيرة التي حققها الدكتور البازعي، فقد طرق باب العالمية من أوسع طرقه، حين ترجمت له العديد من الأعمال والكتابات والدراسات التي جعلته ناقداً ومفكراً عالمياً وليس عربياً فحسب. أما مؤلفاته وكتاباته فقد صدرت له كثير من الكتب الأدبية والثقافية والفكرية، لعلنا نذكر منها: 1- كتاب ثقافة الصحراء: وهو مجموعة من الدراسات التي تناولت الحركة الأدبية وسماتها في الجزيرة العربية في العصر الراهن، وهو صادر عن مكتبة العبيكان، في المملكة العربية السعودية في الرياض، عام 1991. 2- كتاب إحالات القصيدة: وهو عبارة عن مجموعة قراءات نقدية جمالية في الشعر المعاصر، وهو صادر عن النادي الأدبي، في المملكة العربية السعودية في الرياض، عام 1998م 3- كتاب مقاربة الآخر: وهو عبارة عن مقارنات أدبية وثقافية مهمة، وهو صادر عن دار الشروق، في القاهرة بجمهورية مصر العربية، عام 1999م . 4- كتاب دليل الناقد الأدبي: ويحتوي على أكثر من سبعين تيار ومصطلح نقدي معاصر، وهو صادر عن المركز الثقافي العربي في بيروت، عام 2002م. ويمكننا من خلال ماتقدم من جولة سريعة وومضة عجلى في رحاب حديقته الغناء أن نقول وبكل صدق إن الدكتور البازعي مثال للمفكر والناقد العربي الذي يمتلك تجربة ثرية وغنية، وهي تجربة مهمة ذات دور كبير في تأصيل الفكر النقدي العربي، هذا الفكر الباحث في العلاقة مع الآخر إضافة إلى إبداعاته الخالدة التي تمثلت في متابعاته العميقة للإبداعات المحلية والعالمية في الساحة الثقافية، هذه الإبداعات التي قال عنها البازعي نفسه: « هذه التجربة تتناول قلق النقد بين الاستقبال والتأصيل وتبحث في اسباب هذا القلق من خلال ما طرح على الساحة». هذا الطرح وهذا العمق في التناول يجعلنا نثني على هذا الناقد ونعتبره رمزاً وقامة أدبية فكرية نقدية تفخر بها الثقافة العربية. ** **