أيمكنك أن تشهد مذبح الحمامِ؟! وتتجول بحرية في سوق النخاسة؟! وتطل بمتعة على مرمى موت النوارس؟ حين تشحذ السكاكين لذبح الحمام؟ وتتسع المساحات لبيع الذَّوات؟! وتتعالى ألسنة الموج فتغلب النوارس؟!.. أفي ذهنك لا تبارح طيوف الأماكن، والذوات. والخامات؟! والثمر المرفَّه بصفو التربة، وطيب الزَّارع، ودقة غربال المنتقي لحبات البذر، وقطرات السقيا؟!.. أفي بالك لا تتلاشى ملامح الرغيف الشهي في صباحات الهدوء، والسخاء، والكلام الجميل؟!.. ولا تغيب عنك في المساءات المنعَّمة سكينةُ الراحة، ولقمة المطاف، ووسادة الحلم، ولمَّة الأطياف؟.. أفي قدرتك الهروب تمامًا من ضجة الرياح، وطمي السيل، وغوغاء القرية الصغيرة؟!.. أفي إمكانك قبض كفِّك المصافح وضاءة الشمس المتنفسة بولوجها عتمة السحر! وإغلاق قلبك المتصالح نبضُه مع خفق الصدور بما فيها صدور النمل، والنحل، والدبيب الكوني على الأرض، والصاعد إلى السماء عن شروعه! وإغفال عقلك المتسامح مع البوصلات في اتجاهاتها في منعطفات، ودروب الدَّابين على الأرض عما فيه؟! ألكل ذلك إمكانٌ لديك وقد نُصبت المذابح على مرمى الأرض وقتل الحمام.. وقد هاجت الأمواج في كل البحور وماتت النوارس.. وقد اتسعت المبيعات، وتنافست النخاسة.. وقد مرضت البذور، وتسوست الأشجار.. وقد تغيرت الألوان، وتداخل النبض بالدبيب، وطُمست مناسم الغربال !!.. وإنك ريشة في جناح طائر الكون في هذه القرية الصغيرة!!..