وصف عبد المقصود خوجه في ليلة تكريم (الاثنينية) للشاعر والكاتب الصحفي إبراهيم مفتاح بأنه تربوي فاضل شارك في بناء جيل من أبناء الوطن الذين يتحملون مسؤولياتهم في مشوار النهضة والبناء.. وهو شاعر رقيق، محب للمكان، يلتصق به فيترك جزءاً من كيانه على أديم الأرض، ويحمل إهابه ذرات من ترابها.. نجده دائماً يحرص على تسجيل مشاعره شعراً يرتبط بالمكان، وبعض المناسبات.. وفاء للأرض، والتحاماً بمن سكن الديار.. فهو سهل في تعامله .. يألف ويؤلف.. وينساب شعره رقراقاً ليرسم لوحات تنبض بالحب والجمال وسكينة النفس. وقال خوجة بان مفتاح لم يكتف بدائرة تخصصه وعمله، بل امتدت يده بالعطاء لتشمل آثار منطقة (جازان) وجزيرة (فرسان).. فلهما جذور ضاربة في التاريخ.. وآثارهما تعود لحقب ما قبل الإسلام، والدراسات القيمة التي أنجزها للتعريف بمختلف النواحي الاجتماعية، والاقتصادية، والسكانية، والجغرافية والتاريخية، بمنطقة (جازان) وجزيرة (فرسان) تمثل نموذجاً للعمل المناطقي الصحي إذا جاز التعبير.. فالمناطقية منبوذة بصفة عامة إذا كانت تدعو للتشرذم والنعرات القبلية والعرقية.. غير أنها مكان تقدير إذا ارتبطت بالتنافس الشريف في مجال الثقافة والعلم، وحتى الرياضة لها مردود إيجابي في توظيف العمل المناطقي وصولاً إلى لحمة وطنية لا انفصام لها. واشار خوجة إن العاطفة الجياشة التي يحملها مفتاح بين جوانحه للوطن ممثلاً في مسقط رأسه وما حوله، تؤكد عمق أصالته وسعيه الدؤوب ليجعل من الخوافي قوة للقوادم. وتناول مفتاح في كلمته تاريخ مسقط رأسه جزيرة (فرسان) التي تتكون من ثلاث جزر، اكتسبت أهميتها منذ فجر التاريخ كموقع استرايجي تمر عبره البواخر بين قناة السويس وباب المندب، وغلب عليها هذا الاسم نسبة إلى فرسان بن عوف بن عمران، ودلت الأبحاث انها كانت مأهولة بالسكان منذ ستة آلاف سنة، وقال إنه يحتفظ في بيته بآثار كثيرة منها حجر أثري يرجع تاريخة إلى عام 88م في زمن الامبراطورية الرومانية، حسب تقديرات علماء الاثار الذين زاروا موقعه، واشار في عرض مصور إلى اهمية فرسان وموقعها الجغرافي وما تتميز به من سمات اقتصادية عبر القرون تتمثل في صيد اللؤلؤ والأسماك، كيف لا وقد كانوا ملاك سفن شراعية وكانوا رواد بحر وغوص، ثم تناول اثر بيئة فرسان في صقل تجربته الشعرية وأنها أمدته بنصيب وافر من المشاعر التي استطاع أن يصيغها شعراً، متأثرا بما ينشده الفرسانيون في مناسبات الزواج والفرحة وغيرها من أهازيج. وقرأ بعضا من قصائده، منها: يا سادتي بعض أشواقي مسافرة وبعضها فوق خد الصبح ينحدر حيث المساءات تشكو جرح غربتها والليل من حرقة الآهات ينصهر أم تودع طفليها وغانية حسناء لم يكتمل في عرسها قمر ومنها: ليلي على المشراف ومطالعه لك حتى طلوع اللوين والصباح بان كل السواعي روجن وأنت مالك تشتاق لك نخلة وفية وجدان كما وصف شيئا من عادات الزواج قائلا: تحمل العروس في أول سنة من زواجها يعرش الخضاب على معصميها وتنسكب حمرة (الحسن) على مفرق جدائلها ويتبتل الحناء على قدميها البضّين، عندما تحمل هذه العروس على الجمل الخاص بها وهو يتبختر مزهواً بالعصائب المزركشة التي ترصع رأسه وبرنين الأجراس الصغيرة التي تعلق على قوائمه وتسير القافلة وسط الأهازيج والفرح والطرب. وتطرق لاهتمامه بالطيور التي تمر في هجرتها وخط سيرها عبر جزيرة فرسان، وقال إنه وجد حلقة مكتوب في رجل إحدى الطيور مكتوب عليها عنوان الجهة المرسلة لها، فطنب على تلك الجهة ليأتيه الجواب في رسالة من متحف(روكس) في مدينة ستوكهولم بدولة السويد، ومعها صورة الطائر نفسه، وجاء في الرسالة أن هذا الطائر يأتي إلى فرسان كمحطة استراحة ليواصل طيرانه إلى دولة زائير. ثم تخلل الحفل عرض مصور لجزر فرسان تناول الصناعات والعادات الاجتماعية والآثار التاريخية وغيرها من صور الحياة ، وفي نهاية الحفل أجاب المحتفى به على أسئلة الحضور .