تعقد هذه الأيام لقاءات اقتصادية رسمية موسعة بين الصين ودول الاتحاد الأوروبي، وذلك لمواجهة الحمائية التجارية الأمريكية، حيث ينوي الطرفان طي خلافاتهما التجارية لمواجهة التحديات الضخمة التي فرضتها السياسات الأمريكية بفرض رسوم على صادرات تلك الدول للسوق الأمريكي. فالمخاطر لانزلاق الاقتصاد العالمي نحو ركود في العام القادم بدأت ترتفع مع هذه الحرب التجارية التي بدأت تتسع دون أفق لحلول قريبة. فأميركا تنظر إلى أنها تعاني من عجز تجاري مع هذه الدول يصل لقرابة 800 مليار دولار سنوياً، وكان الرئيس الأمريكي ترمب قد وعد ببرنامجه الانتخابي تقليل الواردات وزيادة الصادرات، ويبدو أن ما يقوم به تنفيذ لما تعهد به، حيث يريد تشجيع الصادرات وزيادة الإنتاج في أمريكا من خلال جذب الاستثمارات حفاظاً على سوق عمل يولد وظائف ويبقي على نسب البطالة بمستويات منخفضة تتراوح حول 4%. فآخر ما هدد به دول الاتحاد الأوروبي أنهم في حال لم يرفعوا الرسوم التي فرضوها على بعض السلع الأمريكية فإنه سيفرض رسوماً تقدر بحوالي 20% على واردات السيارات الأوروبية وأعطاهم خياراً أو «صنعوها في أمريكا». وهي الإشارة المهمة التي توضح أحد أسباب توجهه للحمائية بأن يرفع من جذب الاستثمارات الدائمة بالاقتصاد الحقيقي بزيادة المصانع للصناعات الثقيلة والمتوسطة معتمدًا على أهمية وحجم السوق الأمريكية لتلك الشركات الصناعية الكبرى الأوروبية والصينية وغيرها من الدول التي طالتها رسوم الحمائية الأمريكية. يبدو أن أميركا لديها خطة وأهداف كبرى من اتخاذ هذه السياسة الحمائية رغم إدراكها بأن الاستمرار بها قد يكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي، ومن بين هذه الأهداف رفع إنتاجية وصادرات أميركا للحفاظ على مكانتها كأكبر اقتصاد عالمي وتخفيض العجز بموازناتها والتحول لفوائض مع خفض للدين العام الذي يبلغ 100% تقريبًا من الناتج الإجمالي، ولذلك فإن الحرب التجارية بل الاقتصادية بين أميركا وكبار شركائها ومنافسيها ستشهد فصولاً أكثر حدة ما لم يتوصلوا لحلول مناسبة لكل طرف، وإلا فإن العالم موعود بأزمة اقتصادية كبرى خلال العامين القادمين لن تكون مواجهتها سهلة وأضرارها ستكون ضخمة.