قبل عامين حذرت قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ «أبيك»من الحمائية، وقالت إن الخسائر المتوقعة في حال انتشارها ستصل ما بين 5 إلى 8 تريلونات دولار خلال سنوات قليلة، وسبق أن ركزت دول مجموعة العشرين ببداية تنسيقها لاحتواء الأزمة المالية العالمية العام 2008 م على منع الحمائية التجارية، وذلك لدعم نمو الاقتصاد العالمي وتطبيقاً لأنظمة منظمة التجارة العالمية وهو ما حدث بنسبة كبيرة، لكن القرار الذي قال الرئيس الأميركي «ترمب» أنه سيوقع عليه قريباً والذي سيفرض بموجبه رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم العالمية القادمة لأميركا بنسبة 25% للصلب و10% للألمنيوم أعاد للواجهة المخاوف من حرب تجارية دولية من خلال الحمائية والتي سيكون لها انعكاسات سلبية تقوض جهود تعزيز نمو الاقتصاد العالمي والتجارة البينية دولياً. فالحمائية هي سياسة اقتصادية تستخدم لتقييد التجارة بين الدول وتتبع فيها أساليب عديدة منها رفع الرسوم الجمركية أو وضع سقف لكميات السلع التي تستورد، ودائمًا ما يتم التحذير من هذه السياسة لما لها من آثار تضر بالاقتصاد الدولي بل إن كثيرًا من الدول التي طبقتها تضررت مع الزمن منها لأنها تقتل التنافسية وتحد من رفع جودة المنتج المحلي ورغم أن منظمة التجارة العالمية تتيح استخدام هذه السياسة عندما يكون لها مبرر كدفاع عن الأمن القومي بحالات حددتها المنظمة لكن الوضع الاقتصادي الدولي والحالة العامة سياسياً لا تتحمل اتباع مثل هذه السياسات في وقت ما زالت آثار الأزمة المالية العالمية قائمة في أذهان المجتمع الدولي وبالكاد تم السيطرة عليها بتكلفة باهظة دفعها العالم لم يتم حصرها إلى وقتنا الحاضر لكن ما صرفته دول مجموعة العشرين لدعم نمو الاقتصاد العالمي يفوق خمس تريليونات دولار بعد اندلاع الأزمة بخلاف سياسات وإجراءات مالية ونقدية ضخمة حتى تحسنت الأوضاع الدولية وعاد الاقتصاد العالمي للنمو بنسب مقبولة. لكن ما يهمنا هو أن لا تنتشر الحمائية من جديد وتتوسع لتشمل سلعاً أخرى سواء من قبل أميركا أو دول كبرى غيرها قد يكون بعضها يمثل سوقاً مهمًا لبعض صناعاتنا كالبتروكيماويات إضافة إلى أن فرض رسوم على الألمنيوم يطرح تساؤلاً هل تتأثر صناعة الألمنيوم المحلية بمثل هذا القرار إذا كان السوق الأمريكي يمثل سوقًا مهمًا لنا؟ خصوصاً أن التعدين في المملكة يُعَدُّ الركيزة الثالثة في الاقتصاد المحلي، فمن المهم أن يكون لدينا تحرك وتنسيق مع دول مجموعة العشرين ومنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي للمساهمة في الحد من الحمائية ودعم تسهيل التجارة بين الدول كوننا دولة تصدر سلعاً ومنتجات مشتقة من البترول ونتجه للتوسع بإنتاج وتصدير المعادن وعلى رأسها الألمنيوم. سلبيات الحمائية تفوق أي إيجابية تتحقق منها في بداية تطبيقها وتبعات انتشارها وتوسعها ستمثل ضرراً كبيرًا على الاقتصاد العالمي، وستكون حرب أسعار مستعرة في السلع الخام أو الوسيطة إذا لم يتحرك المجتمع الدولي لوقفها ودعم تسهيل التجارة البينية الدولية وتطوير أي معايير أو أنظمة تحد من الإغراق لمنع اتجاه بعض الدول للحمائية كسياسة دفاعية لمنع انهيار شركاتها أو فقدان الوظائف فيها كمبررات لانتهاج تلك السياسة مما يزيد من المخاطر على استقرار الاقتصاد الدولي ويعزز المخاوف من عودة الأزمات والكوارث الاقتصادية العالمية من جديد.