هذا المقال يتضمن فقرات عدة كتبتها في مناسبات مختلفة في هذه الزاوية، ووجدت أن من المناسب أن أعيد التطرق لها في هذا الوقت الذي لا يعلو فيه حديث على الحديث عن ديون الأندية ومشاكلها المالية. في ظل الوضع الحالي للأندية، وضعف مواردها المالية، لن يكون بمقدورها سداد ديونها ولو بشكل تدريجي ما لم تتخذ حزمة من القرارات والإجراءات التي تضمن لها إطفاء تلك الديون خلال مدة زمنية معلومة، ومن خلال خطط واضحة تتغير فيها سياسات الصرف، وتعتمد خطوات الترشيد، ولا تتجاوز فيها المصروفات سقف الإيرادات أياً كان المبرر لذلك. كتبت في هذه الزاوية عدة مرات، وقبل أن تشتعل نار الديون وتتوسع آثارها، عن ضرورة العمل المؤسسي في الأندية، وأن يكون هناك شفافية وتعزيز للمبادئ المالية وتحديد المسؤوليات والصلاحيات فيها، وعن ضرورة العمل المنظم الذي لا يتضرر من استقالة رئيس ولا حضور آخر، وعن أهمية وضع هياكل تنظيمية وأدلة إجراءات وسياسات للعمل فيها، بما يتوافق مع الأنظمة واللوائح التشريعية المعمول بها، وفي مقدمتها اللائحة الأساسية للأندية، وتفعيل جميع ما ورد في المادة (18)/ الفصل الخامس: من اللائحة والتي حددت صلاحيات الجمعية العمومية للنادي، وأن يتم إعداد قوائم مالية في فترات دورية توضح الموقف المالي للنادي من أجل ضبط المصروفات وضمان السيطرة على الديون قبل تضخمها، ثم يغادر رئيس النادي تاركاً الحمل على الرئيس الخلف. في 23 يونيو 2016 كتبت في هذه الزاوية (اتركوا الأندية تواجه مصيرها) وكان التعليق حول تدخل الهيئة العامة للرياضة في أمر نادي الاتحاد، وإعلانها عن شرط لمن يريد التقدم لرئاسة النادي لمدة سنة واحدة فقط وهو تقديم شيك مصدق ب 30 مليون ريال، وتساءلت هل ما قامت به الهيئة تم حسب اللوائح والأنظمة ؟ أم أنه مجرد حل توفيقي خاص بنادي الاتحاد على أمل ألا تحدث مشاكل مماثلة في أندية أخرى مستقبلاً، وإن حدثت تتدخل الهيئة بما تراه مناسباً وإن كان بعيداً عن ما تضمنته اللائحة ومنها المادة (16) والتي حددت مكونات الهيكل التنظيمي للنادي، ونصت في الفقرة الأولى على أن (الجمعية العمومية هي الهيئة التشريعية والسلطة العليا في النادي). في ال 27 من سبتمبر 2017 وجه معالي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة تركي آل الشيخ الأندية الممتازة بعقد جمعية عمومية استثنائية لكل ناد، ورفع التقارير المالية المعتمدة من قبل النادي خلال شهر، على أن تشتمل التقارير على الإيرادات والمصروفات وديون النادي. ويومها قلت (أتمنى أن تلزم هيئة الرياضة جميع الأندية بتعيين مراجع داخلي (من النادي وضمن إدارته) ومراجع خارجي من أجل تقديم تقارير مالية واضحة في أوقات محددة، وإبداء رأي واضح حول القوائم المالية في الأندية، خاصة أن الفقرة (9) /18/ الفصل الخامس حددت صلاحية الجمعية العمومية في تعيين مراقب للحسابات (خارجي) بناء على اقتراح مجلس الإدارة و(أن تعيد هيئة الرياضة دراسة اللوائح المنظمة للعمل في الأندية والاتحادات الرياضية، وأن تعيد صياغتها بما يوائم التطورات والمتغيرات الحالية الرامية لتطوير الأندية والرياضة، وما يتوافق مع طبيعة العمل الحالي فيها، وأن تواصل متابعة التقارير المالية للأندية بشكل دوري، من أجل التدخل في الوقت المناسب وحل المشاكل المالية فور استحقاقها أو حدوثها، والمستفيد في النهاية سيكون الأندية التي لن تتأثر برحيل إدارة وقدوم أخرى مستقبلاً). قلت أيضاً: «من ضمن البنود التي تحتاج إلى تفعيل ورقابة مستمرة لضمان تطبيقها كما وردت ودون استثناءات، ما تضمنه الفصل الثامن من اللائحة والمعني بمالية النادي، وما تضمنته المادة (40) الخاصة بصلاحيات أمين الصندوق وخاصة: (إعداد مشروع ميزانية النادي بالتعاون مع الأمين العام، إعداد تقرير ربع سنوي عن الوضع المالي للنادي وعرضه على المجلس). كرة الثلج كانت صغيرة، وديون الأندية مقدور عليها، لكن سياسات الصرف وبعض القرارات الفنية كانت فراشاً من جليد صقيل، تدحرجت عليه الكرة بهدوء، حتى زادت من سرعتها وكبر حجمها وصعب إيقافها، أو حجبها، وها هو الواقع المسكوت عنه يطل براسه، وما كان في الماضي مجرد همس أصبح ضوضاء مزعجة. في الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي كتبت هنا: «الهيئة العامة للرياضة هي الغطاء الحكومي للأندية وهي مرجعيتها الرسمية والجهة الإشرافية عليها، لكنها في النهاية ليست المسؤول عن أمورها المالية وتأمين إيراداتها، باستثناء الإعانة السنوية، والإشراف على بعض القنوات الإيرادية كالنقل التلفزيوني والدخل الجماهيري، لكن معالي رئيس الهيئة يريد أن يطور من هذا الدعم، ويسعى لتقديم مبادرات مختلفة تعزز مداخيل الأندية، وتضمن تأمين وفورات مالية تسد جزءاً من حاجتها، والأندية الرياضية يجب أن تقدم هي الأخرى مبادرات نوعية مختلفة لتعزيز الاستثمار فيها، بعض الأندية تمثل علامات تجارية بالغة الأهمية والانتشار والجماهيرية، لكنها ما زالت تدور في فلك الاستثمار القديم». المرمى واسع والكرة في يد الأندية، فهي المطالبة أولاً وأخيراً بإصلاح حالها، وتقويم أي اعوجاج فيها، ومن المؤكد أن الهيئة العامة للرياضة ومعالي رئيسها لن يدخرا جهداً في سبيل تقديم ما ينفع ويطور العمل ويصلح الحال.. لكن الأندية يجب أن تبادر وأن تسعى وأن توسع من ملفات الاستثمار وما يضمن تعظيم الإيرادات وإطفاء جمرة الديون الملتهبة.. فهل تكون قادرة على تجاوز هذا المنعطف الصعب؟