خادم الحرمين يؤكد تمسك بلاده بحق الشعب الفلسطيني في إنشاء دولة مستقلة عاصمتها القدس، والمملكة بجميع ملوكها السابقين -رحمهم الله- كانت فلسطين قضيتهم الأولى، ولكن بعضاً من الساسة والإعلاميين العرب والمسلمين يتنكر لهذا الدورالكبير، ويتجاهل كثير منهم الحقائق التي سجلت جهود خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، فالسعودية تقف على أرض اليمن لحرب الحوثيين المدفوعة من إيران، ولم يذكروا المملكة بكلمة حق مقابل ما بذلته لفلسطين، بل يشككون في جهود سياسة الدولة ويغضون الطرف عن مواجهة المملكة لعدو جبان يختبئ خلف العصابات. لقد كتبت قبل ثلاثة أعوام عن هذه الحرب فقلت: إذا دعتنا الحرب أقفلنا المتاجر وفتحنا عوضاً عنها مخازن الذخيرة وأضرمت الحشود الحماس في الأرواح، وأغلقنا الجسور المؤدية إلى الأعداء والتي كانت بالأمس تعبر عليها عربات محملة بالغذاء والكساء، نحن أمة لا تهاب الموت لها هنا حياة وهناك حياة، جنود تقاتل في الليل والنهار لترفع على الجبال أعلاماً ترفرف بالنصر تحمل الشهادة والعدل وحكم الشريعة، خُلقنا للحق ونموت عليه ولا تضيرنا شراذم عميلة مأجورة تقاتل، سنأخذ بأيديهم نحو السلام ومن عصى حق علينا قتاله. نحن ندفن كثيراً من الشرور ونضع الأسماء على الجثث الخائنة ليتم معرفتها بأي ذنب قُتلت، وتعلم الأمم أن الحق لا يسوغ إنكاره والباطل لا يلبث أن يزول، والدولة -رعاها الله- تدعو إلى السلام بموجب الإسلام، الذي عم نوره الكون كشمس مشرقة، فكل تشريع له تأثير وفي ساعة الحق لا يتأخر جمعنا عن ساحات الوغى، وآخرون يقفون تحت سديم الجبار وهو أشد السدائم بريقاً تزدان سماؤه بالنجوم وأصداء الدعاء وأهازيج الولاء. إننا أمام كيانات أكثر غدراً وانسلاخاً وفصائل عسكرية وتنظيم وناشطين يروجون لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لنشر الفوضى والبلبلة، فإن ما تتبادله هذه الجماعات تتعامل بكيفية محددة ومآرب خفية، تتواجه ميدانياً وتتعارض حاجاتها وغاياتها، ولا غرابة فهي مقتضيات الحرب. وعادة ما تؤدي الحروب إلى ضعف الاقتصاد وتقويض الاستثمار، ونحن اليوم نعيش حالة مختلفة فبلادنا عسكرياً تقود حرباً لحماية اليمن ودرء لمخاطر مستقبلية يمكن أن تقترب من حدود الدول الخليجية والعربية، فقد كان قراراً وخياراً أخيراً أتى بعد المحاولات السلمية التي استحال تطبيقها. ومن حنكة سياسة قائدنا أن الحرب لم يكن لها أي تأثير على الجوانب الاقتصادية والأمنية، فالأسعار لم تتغير والسلع لم يتوقف تدفقها، بل إن جهات حكومية تستعد لطرح مشروعاتها التنموية، واتفاقيات بمليارات الدولارات أبرمها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع كبرى الشركات العالمية في الولاياتالمتحدةالأمريكية ومع المملكة المتحدة. ولا ينحصر هذا الطرح الضخم للمشروعات لجهة دون أخرى وإنما هناك مشروعات كبرى يتجاوز عددها 4821 مشروعاً تفوق تكلفتها مليارات الريالات، وتغطي القطاعات التنموية كافة، فهي شاهد على حيوية اقتصادنا الوطني وقدرته على تلبية المشروعات التنموية. وإن هذه المشروعات بمثابة رسالة تفيد بأن التنمية لن تتوقف في بلادنا وقوة اقتصادنا الوطني وقدرته العالية على مواجهة الأزمات المالية والاقتصادية العالمية، والوقوف بثبات أمام تقلبات الأسواق العالمية للبترول وانخفاض الأسعار، التي تعددت موجاتها خلال السنوات العشر الأخيرة، وهذا ما يؤكد قوة ومتانة الاقتصاد الوطني ووقوفه على أرض صلبة وأركان راسخة بفضل من الله أولاً ثم بفضل السياسة الاقتصادية والمالية الرشيدة، التي تنتهجها قيادتنا الحكيمة. وغالباً ما نجد أن قوة السياسة تعتمد على الاقتصاد بل تقترن به ولذلك كانت لبرامج التنمية أولوية قصوى وكثير من المؤشرات توضح أهمية الاقتصاد السعودي على مستوى العالم، ولن يتأثر بالمتغيرات أو المستجدات السياسية أو بمؤامرات الخونة.