إذا كانت أبسط الأشياء تجعلني أزهر بالسعادة، فلماذا أهملها وأعيش على نفايات كوابيسي؟ لا أريد أن أسيء فهم الحياة فهي طرية وحساسة في النظر إلي ولكنني قد أقع في شرك تحليلاتي الفاجرة وأتركها تربك راحتي وتفسد علاقتي الحسنة بالحياة. أعيش حياتين واحدة لي والأخرى لعائلتي وبينهما يحدث تناقض لا أستسيغ خديعة ذاتي إياي فيها. أشعر بجلالي في الوحدة ومثاليتي مع الجمع، لذلك فأنا أكره نفسي في الجموع لأنني أنساق إلى قطيع. وفكرة القطيع لا تروق لي. لا أريد أن أقول إن العالم سيئ بل إنني أنا السيئة دون عزلتي الشخصية. لا معايير لي لأنني أكره الحواجز والقواعد وأمقت الأطر في كل شيء. فهي من أسباب القمع والأسر وإلا لعاش الكون من دون خرائط أو حدود. في كل شارع خلفي انبسط مثل زقاق صغير أعد خطاي فيه وفي نفسي. أريد أن أتعدد في كل شيء لا أرغب أن أكون وحيدة كلياً كحشرة ضلت طرقاتها إلى جحرها. لماذا تتهكم مني فكرة التغيير وتجريب قواعد أكثر حداثة ومقاومة؟ هل يستحيل علي إعادة تخزيني في ذاكرة جديدة مثلاً؟ نشأت على الطاعة وهي التي خربت نفسي وجعلتني أسيرة معتقداتها. فلا أفلح في المشي دون وصاية عكاز.. هل سأنتظر طويلاً وأنا أدين لعكاز الأجداد بأن أكون نموذجاً صالحاً لتربيتهم الحسنة على قمعي؟ أمتلئ برغبتي في التقدم على عجزي ومسابقته حتى اجتازه وأمحو كل أثر له في نفسي فلا أتبع غير تمردي. أريد أن أتبرأ من كل عكاز، أريد أن يصيبني العجز في اللحاق بركب كل وصاية.. فهل سيتحقق لي ما أريد؟