لا أعلم كيف يمكننا أن نكتب عن آبائنا المفقودين بيننا أم أننا المفقودون من دونهم؟ كيف نعالج مأساة الحنين إلى الآباء بعد فقدهم؟ حين كتبت عن والدي رحمة الله عليه كنت أكتب عنه لأعزي نفسي وأهدىء روع حزني ، ليعلق بعضهم : كفى جلدا للذات فأدرك أنه لايعي أو يفهم معناي ؟. فهل نجلد ذواتنا إذا تحدثنا عن فضائل آبائنا ونقينا مشاعرنا من بعض مايخنقها من الحزن الكبير الذي لاينتهي بل يظهر في صور متعددة من المشاعر التي تتشكل مرة فقدا ومرة شوقا ومرة حنينا ومرة عزاء…. هذا الشوق الكبير إلى روح والدي رحمة الله عليه تدفعني إلى التساؤل حول : زيارة النساء للقبور تلك المسألة التي استغلها بعضهم ليؤكد حرمة زيارة النساء لقبور أحبتهن التي أجيزت شرعا .أعتقد أنه زيارة المرأة للقبر مثلها مثل زيارة الرجل ،تؤنس أحزانها وتهذب مشاعرها وتطهر نفسها من بعض كدرها. كرهت زيارة نساء يصرخن وينحن بصوت عال ، وهن نوع من النساء ولسن كل النساء .كما كرهت أمور أخرى ولكنها لم تحرم كما يشاع ، فهل لأن الأمر ربط بالأنثى حدث الاحتجاج ولم يزل من بعض المتشددين؟. وقد قرأت : ذهب جمهور العلماء من الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة في أحد آرائهم، وابن حزم في المعتمد عنده، إلى القول بجواز زيارة النساء للقبور والمقابر، وقد اشترط الشافعيّة للجواز الأمنَ من الفتنة، فإن أُمِنت الفتنة فلا ضَرر ولا حُرمة في زيارة القبور للنساء مُطلقاً.كما استدلّ بما روته أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (... إنَّ ربَّك يأمرُك أن تأتيَ أهلَ البقيعِ فتستغفرَ لهم، قالت: قلتُ: كيف أقول لهم يا رسولَ اللهِ؟ قال: قولي: السّلامُ على أهلِ الدِّيارِ من المؤمنين والمسلمين، ويرحم اللهُ المُستقدمين منّا والمُستأخِرين، وإنّا إن شاء اللهُ بكم لَلاحقونَ)،[4] فلو كان حُكم زيارة القبور للنّساء التّحريم لما أمر النبيّ السيّدة عائشة -رضي الله عنها- بما أمرها به، وقد استدلَّ أصحاب الفريق الأوّل القائلون بجواز زيارة القبور للنساء بهذه الأدلّة نفسها فلا تشوهوا الشرع في تصور قسوة أحكامه على النساء , فالشرع أسمى من تعصبكم وتشددكم ولنا في رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة .