تزامن نشر مقال الصحفي الأمريكي، ديفيد اقانتوس، عن سمو ولي العهد السعودي، الأمير الشاب محمد بن سلمان، مع اتصال هاتفي، تلقاه سموه من الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، ومقال اقانتوس مهم، لا لمضمونه وحسب، بل لأهمية الكاتب، فالصحفي اقانتوس ليس صحفياً عادياً، فهو كاتب وروائي ومحاضر، سبق له التدريس في جامعة هارفارد، وحاز على عدة جوائز، أثناء عمله الصحفي الطويل، في عدة صحف، أهمها بالتأكيد صحيفة الواشنطن بوست العريقة، التي نشرت المقال، وقد لفت نظري تأكيد الكاتب على أن سمو ولي العهد تحدث إليه باللغة الإنجليزية هذه المرة، إذ كان يتحدث باللغة العربية خلال لقاءاتهما السابقة، وغني عن القول إن صحفيا بوزن اقانتوس، لن يكتب عن المملكة إلا بحذر شديد، في ظل الهجمة الشرسة، الموجهة ضد المملكة في إعلام اليسار الأمريكي، والممولة من نظامي قطروإيران. ديفيد اقانتوس، ابن وزير البحرية الأمريكية السابق، جعل عنوان مقاله صارخاً، وركّز على ما أسماه سمو ولي العهد «العلاج بالصدمة»، الذي قال سموه إنه أمر ضروري، في سبيل تطوير الحياة الثقافية والسياسية للمملكة، ويتفق الجميع مع سموه في ذلك، فالمملكة عاشت مرحلة جمود طويلة، عانت خلالها من التطرف والإرهاب، وجاء زمن عاث الحزبيون فيه بالمجتمع تدميراً، حتى بلغ الأمر بهم أن يعترضوا على كل قرار تنموي، دون أسباب منطقية، ولا يمكن أن ننسى ذلك الهيجان التحريضي، المعارض لعمل المرأة، وتلك الخطب التحريضية، ووصل الأمر مرحلة التظاهر العلني، حتى أصبحنا نتوقّع مثل هذه السلوكيات الحزبية، أثناء إقامة أي حدث ثقافي أو علمي، أو مع صدور أي قرار تنموي جديد، ما جعل الصدمة، التي تحدث عنها سمو ولي العهد، تصبح ضرورة قصوى، وهي الصدمة، التي نشاهد نتائجها الإيحابية عياناً هذه الأيام. تزامن نشر مقال ديفيد اقانتوس، مع اتصال الرئيس ترمب بسمو ولي العهد، وهو الاتصال، الذي يوحي مضمونه بطبيعة العلاقات السعودية- الأمريكية المتميزة حالياً، والتي عادت إلى طبيعتها، بعد رحيل الرئيس أوباما، الذي كاد أن يدمر هذا التحالف التاريخي، إذ تمحور حديثهما حول إيران، ومكافحة الإرهاب، وهما الملفان اللذان تتطابق رؤية إدارة ترمب وحكومة المملكة بشأنهما، خصوصاً بعد زيارة الرئيس ترمب للمملكة، وعقد القمة الإسلامية، وهي الزيارة التي سجلها التاريخ، كأول زيارة خارجية لرئيس أمريكي لدولة عربية، وهي سابقة ربما لن تتكرر مستقبلاً، كما أنها الزيارة، التي أعقبتها زيارة سمو ولي العهد لأمريكا، ومنذ ذلك الحين، اتفق الطرفان، السعودي والأمريكي، على ضرورة الحد من سياسة إيران التوسعية، ومواجهة دعمها للتنظيمات الإرهابية، ويستطيع المتابع أن يلحظ بوادر بزوغ تحالف إستراتيجي دولي لمواجهة أطماع إيران، وللقضاء على الإرهاب، وستتبين خطوط هذا التحالف خلال الفترة القادمة، التي يتخللها زيارة مرتقبة لسمو ولي العهد إلى الولاياتالمتحدة.