الفقد مؤلم والذكرى المتجددة وقوده الذي لا ينضب. في ليلة الأربعاء الثالث من الشهر الأول لهذا العام 2018 غابت عن سماء محافظة حريملاء نجوم أربعة جمعها القدر حيناً من الدهر حتى ترافقوا في رحلة ذهاب لا إياب بعدها فلم يبق من تلك الليلة برهة إلا وتشبعت بالحزن والأسى لهول الفاجعة وعظم الخطب، رحلوا في سن الشباب والصبا فليس للموت عمر محدد يموت الخديج في المهد كما يرحل الشاب الفتى في الموعد المحدد، يقول البارئ الذي خلق الموت والحياة {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها. خيّم الحزن وأظلمت الدنيا في أعين ذوي المفقودين ومحبيهم وكل من له صلة بهم وطال ليلهم وحزنت القلوب ودمعت المقل حزناً وكمداً، فهذا حبيبنا عليه الصلاة والسلام يقول: إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا. فقد جمعت الصحافة في هذه الدنيا الفانية (فيصل العسكر، وسجوان السهلي، وعلي الهزاي، وباسم أحمد) عاشوا الفرح والحزن وتقاسموا الأدوار وأدوا كل واجباتهم الأسرية وما تمليه حقوق وواجبات الصداقة التي قامت على الخير، والصلاح وحسن التربية، كيف وقد ترعرعوا في أسرهم التي سعت لجعلهم نماذج رائعة منتجة في مجتمعاتهم الخاصة والعامة، فلمس المقرّبون منهم تلك التنشئة السليمة والتربية الحميدة في سلوك وأحاديث ومواقف أولئك الفتية الذين رحلوا بغتة. مهما جاد الفكر وسال المداد بسرد جوانب مضيئة في سيرهم الشخصية القصيرة الأمد بعد أن اختطفتهم يد المنون فإنه لا يحيط بها، فالموت سنّة من سنن الله ولو كان الخلود لأحد لكان نبي الله حياً مخلداً، فمع مرارة الفقد وتراكم الحزن والأسى في النفس إلا أن الإيمان بالقضاء والقدر جاء لذويهم بلسماً ومداوياً أثبت الإيمان المتغلغل في صدورهم، فلله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بمقدار، فأولئك الشباب الراحلون بأجسادهم الطاهرة أبقوا خلفهم سيرة عطرة وذكرى طيبة ستخلدهم في ذاكرة ذويهم ومحبيهم وأصدقائهم ومعلميهم. وقد أصاب الشاعر حينما قال: إنما المرء حديث بعده فكن حديثا حسناً لمن وعى ولا شك أن الذكر لصاحبه عمر ثان يعيش به بين الورى. صادق التعازي وأحر المواساة لذويهم وأسرهم الكريمة، ونسأل الله أن يبدل الراحلين داراً خيراً من دار الفناء وأهلاً خيراً من أهلهم وأن يجعلهم في بطون الألحاد آمنين وأن يجعل تلك الأجداث التي ثووا فيها رياضاً من رياض الجنة و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. ** **