لو كان لدي رغبة لافتتاح نشاط أو مشروع مطعم لاخترت له الاسم التالي (شاطر ومشطور وبينهما كامخ)، فهو اسم غريب على أبناء الجيل الجديد، وقد لا يفهم معناه الكثير منهم - يدُل بالفُصحى على ال(ساندويتش المحشوة) - نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن اللغة العربية ومسميات الأطعمة الصحيحة لغوياً، بقدر حديثنا عن موضة مُسميات المطاعم تحديداً هذا الفن الذي يعتبر اليوم من أهم عناصر نجاح المشروع التجاري، فالناس لم تعد تهتم (بالكامخ) الذي يُحشى أو يوضع بين الشاطر والمشطور، سواءً كان (جبناً، بيضاً، تونةً، دجاجاً، شاورما..) إلخ، بقدر اهتمامها بالشكل والاسم الذي له إيقاع ورنين، يجمع بين البساطة والغرابة كأحد عوامل الموضة. في الغرب يهتمون عادة بطعم (الكامخ) أكثر من اهتمامهم بالديكور أو المسمى أو الشكل، حتى أنَّ هناك مطاعم شهيرة سُميت بأسماء الأماكن التي أقيمت على أنقاضها مثل مطعم (المغسلة الفرنسية) الشهير في كاليفورنيا، والذي أقيم مكان مغسلة بخارية فرنسية قديمة، ومطاعم أخرى شبيهة لها مُسميات غريبة ومُضحكة، الأمر لا يُقارن بما يحدث لدينا عندما ظهرت مطاعم بمسميات أطعمة بسيطة تُحضر عادة على (سفرة الفقراء)، وبات الأغنياء والمُيسورون يزورونها اليوم للموضة والتصوير عبر السناب شات ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، ليس بالضرورة للأكل على طريقة مطعم (جبنة، خبزة، زيتونة، بيالة، قدوع، غدوه، عشوه..) وأخواتها، صاحب أحد أشهر المطاعم الموجودة في الرياض يقول نحن نهتم بتوفير ال Wi-Fi مجاناً لرواد المطعم، أكثر من أي شيء آخر، نحن نبيع الخدمة الأنترنتية يا سادة ولا نبيع الطعام في الحقيقية، لأننا نعلم أن نسبة كبيرة من الزبائن الشباب يأتون من أجل تصوير أشكال الأطباق، ونشرها عبر حساباتهم الشخصية، ونغلق النت عندما تزدحم الطاولات. ما يحدث عندما تسافر إلى بلاد أجنبية أنَّك تبحث عن أسماء المطاعم التي تُقدم الأكل الحلال، غالباً قد نلجأ إلى المطاعم الهندية أو التركية أو الإيرانية، الأسماء قد تخوننا أحياناً، مؤخراً في إحدى دول شرق آسيا عزمنا أحد الأصدقاء في مطعم يقدم أكلاً عربياً، ووضع لا فتات في الخارج فيها صور المشاوي وأنواع الأطعمة وكونه الوحيد في المنطقة فقد كتب كلمة (حلال) بالعربي في كل مكان تقريباً لإغراء الزبائن وطمأنَّتهم، حتى أنَّه وضع صورة (النارجيلة - الشيشة) أمام المدخل وكتب بجوارها كلمة (حلال) الكتاب باين من عنوانه، فيما يخصُّ الورع والحرص على سلامة المأكل والمشرب!. وعلى دروب الخير نلتقي.