توافقًا مع تسارع حركة العملة الرقمية البتكوين Bitcoin، والارتفاعات الجنونية التي حققتها بما يتجاوز 1400 %، وكطبيعة أي موجة ارتفاعات في أداة من أدوات التداول، بدأ يكثر الحديث عن البتكوين، أهدافها، اتجاهاتها وآلية التداول فيها بوصفها عملة تستبدل بالعملات العالمية الرئيسية والسائدة وصولاً إلى إطلاق بورصة شيكاغو عقود البتكوين المستقبلية. ولا شيء أكثر دلالة على وصولها إلى مسامع الجمهور والمتابعين من تعطُّل موقع بورصة شيكاغو بسبب الضغط الهائل على الموقع تزامنًا مع بدء تداول عقود العملة الرقمية (البتكوين). انطلقت هذه العملة الرقمية في أغسطس 2008 من خلال موقع متخصص لها Bitcoin.org قبل أن تتحول إلى مصدر مفتوح في يناير 2009، ويبدأ التداول بها بتكوين واحد بمقابل سنتات قبل أن يساوي البتكوين الواحد 14 ألف دولار أمريكي. وقياسًا على هذا الرقم قد تأتي مرحلة تكون فيها قيمة البتكوين كاملة تتجاوز 250 مليار دولار أمريكي. أسس الموقع والعملة الرقمية من خلال شخص يُدعى Satochi Nakamoto، ولم يظهر أبدًا في العلن، ولم يكن متاحًا معرفة من قام بإطلاق هذه الخدمة الجديدة للدفع أو العملة الرقمية. المعروف أن البتكوين سيبقى يتولد من خلال معادلات رياضية مستمرة، تتطلب أجهزة حسابية متقدمة حتى تصل إلى 21 مليون بتكوين، وهو العدد النهائي له. هذه المعلومة وحدها كانت كفيلة بإقناع المتابعين بأنها كعملة ستتسم بالندرة فور تعدين البتكوين 21 مليونًا، وهذا وحده كان أحد العوامل الرئيسية التي قادت هذه العملة نحو هذا الارتفاع. أنصار البتكوين يرونها طريقة الدفع الأنسب في ظل نشاط وتزايد التعامل الرقمي حول العالم والأنشطة الرقمية، ولكن من يحكم اللعبة؟ من يضع القوانين؟ ومن يراقب الصفقات والتحويلات؟ لا أحد، وليس لهذا العالم الرقمي إلا شخصية افتراضية، أطلقتها ساتوشي ناكاموتو. يُعتقد أن البتكوين تُستعمل في دفع الفدية للهاكرز، وهذا ما تم خلال الهجمات الإلكترونية في السنوات السابقة، وكذلك طبيعتها وطريقة عملها ترجح تعامل تجار الممنوعات بها سواء كان في السلاح، المخدرات، الدعارة وغيرها من الاتجار الممنوع. لم تكن بتكوين العملة الرقمية الوحيدة التي نشأت في العالم بل هناك ما يزيد على 20 عملة رقمية افتراضية، اكتسبت البتكوين الشهرة الأكبر بينها، وحاليًا تدور كل الأحاديث عن 5 عملات رقمية فقط دون الأخريات. والأعجب أن ليتكوين وإيثيرم عملتان رقميتان معلومتا المصدر، ولم تحظيا بالشهرة ذاتها، وكذلك هما غير محدودتَيْ العدد. تكمن خطورة البتكوين في أنها شيء غير معلوم، ظهر من العدم، ولا يحكمه أي قانون أو نظام، ولا يتبع لأي جهة تنظيمية أو تشريعية، وكل مال يحول إلا البتكوين هو عرضة للاحتيال أو التبخر لأي سبب، وخصوصًا إذا ما تمكن الهاكرز من اختراقها يومًا. قال جرينسبان في جوابه عن البتكوين إنها أحد أكثر الأمثلة وضوحًا على قدرة الإنسان على خلق قيمة للأشياء. يجب أن نختم بالقول بأن لا بنك أو جهة مالية معتبرة اعتمدت في منصاتها البتكوين، وكل من يقدمها هم وسطاء، وسبق أن حذرت «ساما» وهيئة السوق منهم سابقًا لكثرة عمليات التحايل.