بات أمام الخليجيين خيار المُضي قُدماً في مسيرتهم وتجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، ورغم ما يمكن الذهاب إليه من تأجيل للقمة الخليجية لإعطاء النظام الحاكم في قطر فرصة أخيرة لإدراك أن الحل كان وسيبقى في الرياض وليس في غيرها، فكل الرهانات القطرية منذ قطع علاقات الرباعية العربية مع الدوحة فشلت تماماً فلم تستطع قطر أن تفكك الرباعية العربية أو أن تنجح في التأثير على المطالب الثلاثة عشر مما يضع القطريين أمام انسداد لا يمكن تجاوزه بغير الرياض. حديث ملك البحرين حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة يمكن أن نصفه بأنه الأكثر مباشرة فيما يتعلّق بالقمة الخليجية المقبلة، فملك البحرين تحدث عن استقواء الدوحة بالقوى الخارجية ويقصد بذلك استعانة نظام قطر بكل من إيرانوتركيا، وهنا مفهوم عميق لا بد وأن يوضح بجلاء فمنذ استقلال دول الخليج العربي في أوائل السبعينيات الميلادية من القرن الماضي لم تعرف هذه الدول جميعها تدخلاً عسكرياً من قبل قوى إقليمية، ومنذ وصول الخميني للسلطة في إيران لم تخف طهران مطامعها في دول الخليج العربية، وكذلك ما أفرزته مرحلة ما يُسمى (الربيع العربي) في 2011م من كشف مطامع التوسع التركي في المنطقة العربية. المسألة إذن ذات حساسية عالية، بل إنها تهديد مباشر وصريح لأمن وسلامة واستقرار الدول الخليجية من تركياوإيران فالوجود العسكري في دولة قطر لهاتين القوتين الإيرانية والتركية لا يجب التعامل معه باعتبار أنه حق سيادي قطري، بل يجب النظر إليه من زاوية أدق وهي الأمن الخليجي والقومي العربي، فمهما كانت مبررات قطر من استدعاء القوات الأجنبية إلى أراضيها فهذا لا يمنحها حق التصرف غير المسؤول في منطقة لا تحتمل خوض هكذا مغامرات مجنونة لن تقدّم منفعة لأحد من أبناء الخليج العربي. أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد كان قد حذَّر من تصدّع وانهيار مجلس التعاون الخليجي جراء استمرار الأزمة القطرية، تحذير لم تتعامل معه الدوحة بالشكل الذي يليق، فلقد خيّب أمير قطر الشيخ تميم الرجاء في اقتناص الفرصة بعد ظهوره في قناة سي بي سي الأمريكية عبر برنامج (60 دقيقة) واستمراره بأسلوب المراوغة، كما أن تخبطات حمد بن جاسم عزَّزت التشاؤم في نزع فتيل هذه الأزمة. تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي يبدو أنه بات مسألة وقت وما ستذهب إليه الأمور أكثر خلال الربع الأول من 2018م مما سيعزل قطر تماماً وسيغرقها أكثر في أزمتها الاقتصادية المتفاقمة يوماً بعد آخر، وهذا الانسداد في الأفق السياسي لنظام قطر يستلزم مراعاة لمستقبل الشعب القطري الذي لن يكون يوماً فارسياً أو تُركياً فهو عربي وسيبقى عربياً وعلى نظام قطر أن يراهن على عروبة شعب عربي أصيل له حق الانتماء لمحيطه الخليجي والعربي.