في آخر مقال كتبته عن المنتخب، قلت إن منتخب 2007 وجد نفسه يلعب على نهائي القارة، على الرغم من أنه كان يلعب بعناصر شابة، حديثة التجربة، لكنه وقتها سحق كل الخصوم، وفي طريقه للنهائي، جندل المنتخب الياباني (المتعجرف)، والذي كان يرى نفسه أكبر من قارة آسيا! حدث هذا لأن منتخبنا حينها، ذهب وهو مستبعد من الترشيحات، ودون ضغوط إعلامية وجماهيرية، وهذا ما دفع به إلى تحدي نفسه وتفجير طاقاته، والقفز مباشرة إلى النهائي، وقلت أيضاً إن منتخبنا الحالي الذي كان ينافس، على بطاقة الصعود لكأس العالم، يسير بظروف مشابهة، وإذا ما استمر الحال، فإنه سوف يتأهل لروسيا على غرار منتخب 2007، وبالفعل سار الأخضر إلى النهاية بعيداً عن الضغوط، وبمساندة شعبية وجماهيرية وإعلامية حاشدة، حتى وجد نفسه مجدداً أمام (الساموراي) وسحقه هذه المرة أيضاً وذهب لروسيا بحجز مؤكد، بعد أن كان الكثير يستثنيه حتى من الملحق!! إذًا نخلص من هاتين التجربتين، إلى أن بعدنا عن المنتخب هو أفضل (دعم) نقدمه له، ليحقق المنجزات، وقربنا منه هو يضره أكثر مما ينفعه! والسبب بالطبع أننا نفرط في الثناء عليه حد تخديره، أو ننقده حد جلده! وهذه وتلك لا تصل به إلى الهدف المنشود أبداً، علينا أن نتعلم الآن من هاتين التجربتين كيف يكون الدعم الأمثل لمنتخبنا، وبلا شك أن الدعم المتوازن للمنتخب، كان له الأثر الأكبر في بلوغنا المونديال، لكن ثمة أسباب كثيرة وكبيرة، ساهمت في هذا التأهل، فالوصول إلى روسيا لم يكن من داخل الملعب فقط، فهناك دعم وعمل كبير، وجهود (لوجستية) عظيمة ساهمت في إنجاز المهمة، فالبداية كانت مع الأمير عبد الله بن مساعد الرئيس السابق لهيئة الرياضة، فإحضاره لمارفيك والمراهنة عليه، والعمل على استمراره مع المنتخب، كان له فضل كبير فيما تحقق، وبعدها مارفيك ذاته بالمحافظة على استمرار انسجام لاعبيه طوال فترة عمله مع المنتخب، ساهم في الوصول بثبات إلى الهدف، رغم صعوبته ومشقته فنحن نتحدث هنا، عن مجموعة الهلاك، مجموعة الموت، التي كنا فيها مع أعنف فرق القارة، ويكفي فقط أن نذكر منها اليابان وأستراليا، أيضاً الاستقرار الإداري واستمرار زكي الصالح ومن عمل معه من البداية، حتى تحقيق التأهل، وانتداب طارق كيال الخبير المحنك، للإشراف على الفريق، والتعاقد مع البدين ليكون قريباً من المدرب واستمراره معه حتى النهاية، وجهود أحمد عيد وخلفه عادل عزت، واختيار ملعب الجوهرة بالذات، والذي كان اختياراً ذكياً جداً، من إدارة المنتخب حيث الدعم الجماهيري المهول، من جماهير الغربية، والتي تدعم الأخضر في جميع حالاته، وعلى الدوام، مهما كان موقفه ومهما كانت حظوظه، والرطوبة العالية في الملعب، والتي ساهمت بكل تأكيد على الحد كثيراً من قوة الخصوم، وجعلت الأخضر لا يخسر أبداً في هذا الملعب، وعندما يكون العمل جماعيًا ويتحد الجميع، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً حينها، وتأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً. ختاماً ألف مبروك هذا التأهل، لوالدنا سلمان ولابنه محمد كحيلان، والذي كانت له، هو الآخر، يد طولى في هذا التأهل، من بداية تدخله الدبلوماسي، لحل مشكلة لقاء فلسطين، إلى فتحه الملعب بالمجان أمام اليابان وحضوره شخصياً اللقاء، ومبروك لجميع الشعب السعودي، والعربي، والإسلامي، وموعدنا موسكو على خير. ** **