تمر المملكة العربية السعودية بكافة مكوناتها بمناسبة عزيزة تاريخية غالية، ألا وهي اليوم الوطني لتأسيس هذا الكيان الشامخ من قبل الإمام والملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، قبل سبعة وثمانين سنة، هذا اليوم يمثل للشعب السعودي يوماً تاريخياً مجيداً، حيث وحد الملك عبدالعزيز -رحمه الله وغفر له - أجزاء هذا الوطن الكبير، تحت راية التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله، وعلى الشريعة الإسلامية الغراء التي سنها كتاب الله المنزل القرآن الكريم، وسنة رسوله العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، قلما نجد في التاريخ حدث يحاكي ويماثل ما فعله الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في توحيد هذه البلاد التي تشكل 70 % من مساحة شبه الجزيرة العربية، وبمساحات شاسعة تزيد على مليوني كيلومتر مربع، حيث إن كثيراً من الكيانات الدولية قامت إما بالانفصال عن الوطن الأم، أو باستقلال عن مستعمر، أما توحيد هذه المملكة فقد جاء بأسلوب الضم والتوحيد بالعقل والحكمة، وبجزء بعد جزء، وبدون إراقة دماء، أو تصفية بشر، إلا في حالات بسيطة وبأعداد قليلة لا تذكر، مقارنة بما حصل في الحروب الأخرى، والتوحيد كان بإمكانيات متواضعة، فاستعادة الرياض كانت بحوالي أربعين رجلا، سلاحهم بسيط جداً، وعددهم أبسط من ذلك، ولكن الأعظم لديهم هو إيمانهم بالله وتوكلهم عليه، وتصميمهم على النصر أو الموت، وبعد الرياض جاءت الأجزاء الأخرى للمملكة، الواحدة تلو الأخرى، حتى تم التوحيد الشامل. هذا ما حدث تاريخياً، وهو حدث نفتخر فيه، ونحمد الله عليه، ونذكر الملك عبدالعزيز ورجاله بالتقدير والاحترام والثناء العاطر، والدعاء لهم بالرحمة والغفران، أن خاطروا بأنفسهم، وبنوا لنا هذا الكيان الكبير الشامخ، الذي ننعم فيه بالأمن والرخاء والطمأنينة ورغد العيش، أقول هذا مقارنة بما تعيشه المملكة وأهلها والمقيمون فيها، وما تعيشه الدول المجاورة، وحتى البعيدة من حروب وقتل وهتك أعراض، ونهب للأموال، وتدمير للبيوت، وللبنية التحتية، مع تعطيل للتعليم والتنمية، وانعدام الأمن والصحة، وحتى للمياه وللمواد الغذائية وللكرامة الإنسانية. لقد وحد الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصون هذا الكيان، وأرساه على قواعد ثابتة، ثم سلم الراية عالية مرفرفة خفاقة، إلى أبنائه من بعده الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله - رحم الله الجميع وأسكنهم فسيح جناته - وكل ملك من هؤلاء البررة بذل ما في وسعه، لتثبيت أركان وأساسات هذا الكيان، وللنهضة به، ولتوفير الأمن والراحة ورغد العيش، والكرامة لمن يعيش على أرضه وتظله سماؤه، وبجهودهم سمونا وعلينا وتطورنا وتعلمنا، وصارت لنا مكانة عالمية، وسمعة دولية، وكلمة مسموعة في المحافل الدولية، ومشاركة فاعلة في السياسة الدولية والإسلامية والعربية، فحق لنا أن نفخر بهذه المكانة وبهذه المنجزات، وبهذه الحضارة، وبهذا اليوم الوطني المجيد. نحتفل باليوم السابع والثمانين لعيدنا الوطني، ورايتنا الخضراء يحملها ابن بار من أبناء الملك عبدالعزيز، نهل من مدرسة والده، وتعلم من حكمة والده وأخوانه الذين سبقوه في الحكم، فتسلم الحكم بعد أخيه الملك عبدالله، وهو مهيأ ومتهيئ لإدارة البلاد، والمحافظة على مكتسباتها، والاستمرار بنهضتها، وترسية أمنها واستقرارها، وتوفير الكرامة والعيش الهنيء والرغيد لشعبها، ولمن اختار أن يعيش فيها، يعاونه في كل ذلك شاب من أحفاد عبدالعزيز هو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، صقلته الحكمة، وحب الوطن، والتجربة، لكي يكون خير عون لوالده، وخير موجه لحكومة البلاد، وقافلتها التنموية، وسياساتها وإدارة دفة أمورها، وحق لنا كمواطنين أن نفخر بهذه القيادة الحكيمة التي أعادت للمملكة، وللشعب العربي والإسلامي الكرامة والهيبة، عندما أطلقت عاصفة الحزم، لكي توقف المد الصفوي الآثم، الذي كاد أن يصل إلى نقطة اللاعودة، والتي أطلقت رؤية المملكة الاقتصادية لتخفيف الاعتماد على البترول، وهو مصدر نابض لا محالة، وها نحن نرى ما تحققه هذه الرؤية، يوما بعد يوم ونرجوا الله أن يكتب لها النجاح والتوفيق، والتي كشفت ما نتعرض له من غدر وخيانة الأخوة الجيران في قطر، بعد أن صبرنا وتحملنا، هذه القيادة الحكيمة عملت الكثير والكثير، ولا زالت تعمل بجد وصبر لا يعرف الملل والكلل. لنحتفل، ونسعد، ونفتخر بهذا اليوم الوطني فذاك حق لنا كسعوديين نفخر به كبداية لكيان شامخ، ونفتخر بما أنجزه وحققه، وما هو عليه ذلك الكيان الكبير، وهنيئا لقائدنا الملهم الملك سلمان بن عبدالعزيز أطال الله في عمره، ومنحه الصحة والعافية والتوفيق والسداد، وهنيئا لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وفقه الله في كافة خطواته، وهنيئا ومباركا للشعب السعودي بهذا الكيان الكبير، وما حققه لهم من أمن وأمان، وتنمية وتطور، ورخاء، ودعاء من الأعماق لله سبحانه وتعالى أن يجزي الملك عبدالعزيز خير الجزاء على ما قدم لأمته وشعبه بإنشاء هذا الكيان، وأن يسكنه فسيح جناته، ولجميع أبنائه الملوك الذين مضوا إلى ربهم بما أسهموا به في ترسيخ، وتثبيت، وتنمية، وتطوير هذا الكيان، غفر الله لهم ورحمهم وأسكنهم فسيح جناته - والحمد لله رب العالمين.