كان نجاح موسم حج هذا العام استمرارًا لنجاحه في مواسم سابقة لأن الدولة تستعد لهذا الموسم بكل طاقاتها، وتعمل على نجاحه قبل موعده بفترة طويلة لأنه أولاً يعد خدمة للإسلام والمسلمين لا منّة فيها، كما أنه يسهم في تيسير أداء مناسكه للقادمين الذين ضحوا بأموالهم وراحتهم من أجل إكمال أركان دينهم لأن الحج ركن أساسي من أركان الإسلام. وفي حج هذا العام كان العالم يعج بمشكلات كثيرة، والمنطقة مشتعلة، والخوف من أعمال متقصده لإفساده كانت تشغل أذهان الناس، ولكن ما حدث هو أن هذا الحج مضى على نحو ميسر فكل من قام بأداء مناسك الحج ممن أعرف، وحسب ما طالعتنا به وسائل الإعلام المختلفة كان الثناء هو العام والأغلب بينهم. ولا شك أن هذا يحسب للمملكة التي فرغت عشرات الآلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين لإدارة هذا الحج، وضبط أموره. ومما زاد من نجاح الحج تلك الروح الإنسانية التي ظهرت في التعامل الذي يعكس روح الإسلام من قبل أولئك الموظفين ومن قبل الناس عامة فتقديم الهدايا والاستقبال بالورود وإهداء المصاحف وإرشاد الحجيج ومساعدة كبار السن منهم، كل هذه المظاهر بينت هذا التفاعل الكبير الذي كان عليه من أسهموا في إدارة حج هذا العام. إن هذا النجاح هو دون شك يصب في خانة إيجابية للمملكة ويدل على قدرة كبيرة نتيجة التمرس في إدارة الحشود، وهو أمر تهتم به كثير من دول العالم، ولكن حسب علمي تطبيق ميداني لإدارة الحشود كما يجري في موسم الحج فقد احتشد هذا العام مليونين ونصف المليون حاج تقريبًا من شتى أنحاء العالم بلغات مختلفة وعادات وتقاليد وثقافات، ومعرفة مناسك مع وجود من لا يعرفون هذه المناسك. ثم القضايا الصحية وما تشتمل عليه من نقل العدوى ومكافحة الأمراض، كل ذلك أثبت أن المملكة العربية السعودية تعد الحج موسمًا استثنائيًا توجه له كل طاقاتها البشرية والمعنوية والمالية. والعجيب أن يكون هناك أفراد في هذا العالم يحاولون التقليل من دور المملكة ويحاولون أيضًا إبراز صورة غير حقيقية عن الحج لا توجد إلا في مخيلتهم. من الضروري أن يعُنى بهذه الخبرات التراكمية في إدارة الحشود وتنظيم الحج وأن يستفاد منها داخل المملكة بالدرجة الأولى في أمور دنيوية تحتاج إلى ضبط ونظام مثل الحشود التي تحضر المباريات، أو في بعض الأحيان حشود نجدها في المطارات، وغير ذلك.