كتبتُ ذات فخر تلاه شعور شفقة عن الفنون والموروثات الشعبية وأن لها من الأثر والقوّة ما يفوق قدرات السياسي في توحيد المُختِلف والتأليف بين الأفكار المتضادّة. * خذوا أمثلة «إن شئتم»: * رغم اعتزاز أتباع المذاهب في بلادنا كُل بطقوس مذهبه وبرغم التمسّك بتعاليم الأسلاف ومسالكهم يتراءى للراصد الناقد صعوبة إن لم يكن استحالة توافقهم على تلك الاختلافات البيّنة بينما لن يختلف اثنان على اتفاقهم وتوافقهم على فنان مثل محمد عبده من الحجاز أو رابح صقر وراشد الماجد من الشرقية أو عبد المجيد عبدالله من جازان أو سلامة العبدالله من حائل وحمد الطيار من الخرج وعبدالله الصريخ من عنيزة وغيرهم من مختلف أقاليم ومناطق بلادنا. * ينسحب الكلام أعلاه على نجوم الثقافة والفنون الأخرى من مسرح، دراما، تشكيل، فلكلورات شعبية، شعر ورواية حتى الأزياء والأكلات وبعض مفردات اللهجات المحليّة الصرفة أصبحت عابرة لبقاع الوطن واتجاهاته الأصلية منها والفرعية ثم تستوطن للأبد دون سؤال عن منبعها. * من يريد الدليل (المؤكّد) فما عليه إلا زيارة المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية أو سوق عكاظ في العرفاء ليرى بأم عينيه ذلك التناغم العظيم. * في وطنٍ شامخ كبلادنا مكوّن من عدّة أقاليم ومناطق متباعدة يكتنز بالتنوعات الثقافية والفلكلورية والموروثات المختلفة لا بد وأن ينشأ تبعاً لذلك هاجس تجانس تلك الثقافات وحملها مكوِّن الهوية الوطنية (المُوحّدْ) مع الاحتفاظ وتمتين ذلك التنوع الثرّ. * المشكلة كانت ولا زالت في ارتفاع صوت التعنصر للمنطقة أو الإقليم أو القبيلة والمذهب ولم نر (حسب ظن كاتب هذه السطور) مشاريع بمعايير مؤثرة أو خططًا تخفف من غلواء هذا التعنصر وتكبح تأجيجه بين أفراد المجتمع. * قلت وأقول حين يُخفق السياسي في مهمة التقريب بين المُختلف استعينوا بالثقافي فهو الأجدر والأقدر.