لحظات قليلة و ضئيلة تلك التي تحرّك فيها توقيعه على مؤلفاته التي ربما -لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة - في المناسبات أو معارض الكتب؛ ربما لأنه لا يأبه بحفلات التوقيع على تلك المؤلفات التي رفدَ بها إلى رفّ المكتبة العربية ؛ لكنه يقيناً لأنه اهتمّ أكثر و بصورة عميقة بمجاورةِ اسمه مع أهمّ المثقفين والمثقفات العرب؛ ليوثّق أحلامهم و آلامهم و رؤاهم الفكرية والثقافية في فترة تاريخية معقدة؛ ليسجل بروافده نهرا مهما باسمه في الذاكرة التلفازية العربية في العصر الحديث مرّ به كبار الكتّاب والكاتبات العرب. وثّق ذلك التدوين الشفاهي لكبار المثقفين العرب، قبل حالات الاستقطاب أو الانشطارات الثقافية المحيرة التي اتسعت بعد «الربيع العربي» و استمرّ في توثيقها حتى في لحظة عنفوانها؛ ليوثق آرائهم في اللحظة التاريخية الآنية لوقوع تلك الأحداث لتكون وثائق مهمة للأجيال الثقافية العربية اللاحقة في طريقة دراستها و تعاطيها مع تلك الأحداث، و ليسجل فرصة لتأمل الحالة المزاجية للمثقف العربي ما قبل و ما بعد تلك الأحداث من خلال تأمل آراء أولئك الذين استضافهم في البرنامج. تكتسبُ الذاكرة الشفاهية التلفازية أهمية كبرى للتعرف على شجون و أحوال أولئك الكتّاب، فلولا (روافده) لما عرفنا الاقتباس الشفاهي التالي للروائي عبدالرحمن منيف: «.. عندما أكتبُ لا أُفكر في موضوع الترجمة، أكتبُ أولا و قبل كل شيء لشعبي، إلى الناس الذين يقرأوني بلغتي الأم، إلى الناس الذين أحس معهم هموم مشتركة إلى الذين أود أن أوصل لهم رسالة إلى الذين أود أن أمزح معهم و أن أسمع مزحاتهم أيضا ...» وغيرها من الاقتباسات الشفاهية ذات الدلالات العميقة و المهمة التي عادة لا يكتبها المثقف أو المبدع في أعماله؛ لأنها تأتي نتيجة استنطاق من السائل لا فكرة إلهامية إبداعية أو ثقافية محضة أتت في عقل ذلك المبدع أو المثقف؛ لذا من المهم تنظيم تلك الذاكرة الشفاهية التلفازية بأن تُوضع كل المقابلات الثقافية لكل المثقفين العرب في مكان واحد وفق اتفاقية ثقافية معينة أو تحويلها لمجلدات بحيث تسهل للدارسين و الباحثين سهولة الوصول إليها تماما كما فعل الأستاذ تركي الدخيل في أثره الثقافي المهم (إضاءات) التي حولها إلى مجلدات تضم مئات المقابلات مع المثقين و المثقفات العرب. ما يميّزُ ( روافده ) أنها ليست حوارات جامدة؛ بل حية بخلفيتها الموسيقية الرائعة و نابضة بالأمكنة المختلفة التي صُورت فيها الحلقات التي تعكس أفكار الضيف. إمضاء الكاتب و الإعلامي اللبناني أحمد علي الزين : لم يتحرّك كثيراً على مؤلفاته في معارض الكتب و المناسبات الثقافية؛ ليوثق صفحات مهمة تحركت عليها توقيعات المثقفين العرب ..!