أشار وانج كيه أحد كبار العلماء الصينين المختصين والشغوفين بثقافة «نظام بيدو للملاحة بالأقمار الصناعية» إلى عراقة العلاقات والروابط التاريخية القديمة التي تربط بين الحضارتين العربية والصينية في مجال علم الفلك. وجاء ذلك خلال دراسة قدمها وانج كيه المختص في البحوث الصينية الثقافية المعنية بنظام بيدو الصيني للملاحة بالأقمار الصناعية أثناء انعقاد الدورة الأولى لمنتدى التعاون العربي الصيني لنظام بيدو للملاحة بالأقمار الصناعية بمدينة شانغهاي، التي أكد خلالها أن «بنات نعش السبعة الكبرى» الواقعة في كوكبة الدب الأكبر تعد مثالا حيا على التأثير والتأثر بين الحضارتين العربية والصينية، مشيرا إلى أصالة الحضارتين العربية والصينية وعراقة تاريخهما إضافة إلى شغفهما وتطلعهما إلى اكتشاف أسرار وخبايا السماء والنجوم. «وقال ونج» :الصينيون والعرب تبحروا منذ قديم الزمان في علم الفلك وحساب الزمن والتقاليد الخاصة بالنجوم التي اهتدي بها عامة الناس، وكان لديهما العديد من الأبراج الفلكية لرصد النجوم فضلا عن سجل حافل جدير بالتأمل والإعجاب في مجال تطوير علم الفلك». وأضاف أن الصين استفادت كثيرًا من الملاحة البحرية العربية كنظام معني بتقنيات الاهتداء بالنجوم للإبحار عبر المحيطات، إذ ساعد ذلك البحار الصيني العظيم تشنج خه أثناء قيامه برحلاته البحرية السبع التي ترك خلالها بصمته في كل من وسط وجنوب وغرب آسيا وكذلك في شمال وشرق إفريقيا وغيرها من المناطق حول العالم، وهو ما ساهم في تعميق الروابط بين الحضارتين الصينية والعربية. ويستطرد «ونج»: لقد زار البحار تشنغ خه وطاقمه المملكة العربية السعودية وعادوا منها حاملين معهم خريطة ملاحية تسمي ب»خريطة الكعبة»، وهذا ما زاد من معرفة الصينيين للأراضي المقدسة بمكة المكرمة على نحو أعمق. ففي العصور القديمة وقبل تطوير أنظمة الملاحة، كانت النجوم هي خير دليل وأحسن مرشد لتحديد المواقع الجغرافية آنذاك. ويضيف: ومثلما حظى نجم الشِّعرَيَ اليمانية بمكانة خاصة عند قدماء العرب، كان أيضا رمزا للحماية عند البحارة الصينيين القدامى. وقاد تشنج خه في ذلك الوقت أسطوله الضخم ليشق عباب البحار في رحلات عظيمة رافعًا بذلك علم الدب الأكبر على أشرعة سفنه. وأثناء رحلاته البحرية السبع حرص على تطبيق الإنجازات العلمية والمعرفية التي حققها علماء الفلك الصينيين القدامى في مجال القياسات الفلكية للملاحة البحرية، وهو ما ساعد في تشكيل مجموعة من تقنيات الملاحة المتقدمة، أُطلق عليها نظام «تقنيات الاهتداء بالنجوم للإبحار عبر المحيطات». ويعتقد وانج كيه وغيره من الباحثين الصينيين أن «لوحة الاهتداء بالنجوم» المستخدمة في هذا النظام تمثل بلورة لحكمة القدماء عن طريق الدمج بين الملاحة البحرية العربية والملاحة الفلكية الصينية التقليدية. وفي كلمته، نوه أيضاً إلى وجود العديد من أوجه التشابه والكثير من نقاط الالتقاء بين الحضارتين الصينية والعربية لافتًا إلى أن مبادرة «الحزام والطريق» من جانبها ستفتح أبواباً وآفاقاً جديدة للتبادلات بين الحضارتين العريقتين.