من اقترب من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- يدرك من الوهلة الأولى أنه قد نهل من معين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - في جميع جوانب الحياة في ثقافته، وتواضعه، وأدبه الجم، وعلمه، وشدته وحزمه في الأمور التي تحتاج إلى شدة وحزم، في رؤيته الحاضرة والمستقبلية، في اعتزازه بدينه وقيمه الإسلامية، في فخره بوطنه واعتزازه به، في استحضاره روح العزم والمثابرة بقراءته لتاريخ الأجداد وخصوصًا المغفور له - بإذن الله - الملك عبدالعزيز، وغيرها من الأمور التي شكلت شخصيته الفريدة. وللتعليم عند سمو ولي العهد أهمية خاصة فهو يرى أن بناء الوطن والاستعداد للتغيير وعدم الاعتماد على النفط كمصدر دخل أساس للمملكة يحتاج إلى بناء السواعد القوية التي ستحمل راية القيادة وتشق طريق التقدم شقًا لتثبت للعالم أن المواطن السعودي قادرٌ على إحداث الفارق في كل المجالات والأصعدة التي يتاح له فرصة المشاركة فيها وذلك إذا تم إعداده إعدادًا مميزًا، ومنذ الصغر. لذا فقد كانت بدايات سمو ولي العهد العملية في العمل الخاص من خلال شركات تهتم بالتعليم وتطويره ومن ثم انطلق يحفظه الله إلى آفاق أرحب وأوسع حين تم تكليفه مستشارًا خاصًا لخادم الحرمين الشريفين حين كان أميرًا لمنطقة الرياض ومن ثم رئيسًا لمجلس إدارة مدارس الرياض للبنين والبنات، ومؤسسة مسك الخيرية، وقد كان لي شرف اللقاء بسموه في واحدة من زياراته التفقدية لمدارس الرياض، وكعادته دائمًا - حفظه الله - واسع الخطى سريعًا لا يستطيع اللحاق به إلا من كان على القدر نفسه من السرعة التي ترتبط أيضًا بالذكاء والقدرة على استيعاب المواقف وإدراكها واتخاذ القرارات المناسبة في وقتها الصحيح، وخلال هذه الجولة وكانت في مبنى الدبلوما الأمريكية حاليًا كانت أسئلته يحفظه الله واضحة ومحددة عن استراتيجيات التعليم وإمكانات الطلاب والفصول والتجهيزات وكانت الردود بعيدة عن مجاملات الضيافة - كوني واحدًا ممن تشرفوا بالمساهمة في إعداد أميرنا المحبوب علميًا ودراسيًا - وبعد أن أرهقني في جولته السريعة جدًا ابتسم لي ابتسامة حب ومودة وثقة ونظرة كلها تفاؤل بالغد. ولم يمضِ وقت طويل حتى تدخلت أنامل الجراح الذي عرف أين تكمن العلة ليحدث تغيرات عديدة في جميع جوانب العمل التعليمي والإداري فكأنما في جولته هذه قد شخّص الداء ووصف الدواء، وكان الاعتماد على ذوي الاختصاص وأهل الخبرة سواء في الداخل أو الخارج ووضع استراتيجيات عمل سريعة المدى أو طويلة أسفرت عن تغير سريع جدًا يشهد له القاصي والداني في مدارس الرياض في جميع المجالات العلمية والتعليمية والرياضية والإدارية وخدمة المجتمع، وهذه الإنجازات خير دليل على تحقق الرؤية التي كان يخطط لها سموه وإن كان ما زال هناك الكثير لم يتحقق إلا أننا في طريقنا لتحقيق طموحات وآمال أميرنا المحبوب. ومن أهم الذكريات التي حضرتني حين كنا ندرّس الأمير في المرحلة الثانوية وكنا نبدأ من بعد العصر حتى العشاء حيث يأتينا الملك سلمان لنشرف بالسلام عليه وكان يدور بيننا حوار قصير في كلماته كبير في معانيه يدور حول أهمية الثقافة وتنوعها إلى جانب العلم واللحاق بركب التقدم التقني لزيادة الاستفادة من المعارف المختلفة داخليًا وخارجيًا ولا شك أننا ولله الحمد والمنة قد وفقنا فيما أوكل لنا من مهام فها هو الأمير الشاب يحتل صفحات الغلاف في كبريات المجلات العالمية ويصنف واحدًا من أهم صناع القرار في العالم وأهم قيادة شابة فيه. لقد كانت رؤية ولي العهد لولده سلمان بن محمد حين أراد أن يخلق له بيئة تعليمية محفزة جاذبة غير طاردة ملهمة غير مثبطة فكانت رؤية للوطن جميعه فقد كان مولده شرارة انطلق من خلالها العمل بقيادة سمو ولي العهد تحت شعار التعليم عماد التقدم.