لا أعرفُ عملاً فنياً جعل من حرفيْ كلمة (لو) روحاً ترفرف، وكثيراً ما تتخبط، بين كل منحنيات القالب المصقول كسكين جارحة وهي تلمع في نعومة قاسية، مثل المسلسل التلفزيوني (لو) المعروض على شاشات الفضائيات العربية في موسم الدراما الرمضانية عام 2014 من تأليف بلال شحادات وإخراج سامر البرقاوي وبطولة عابد فهد ونادين نسيب نجيم ويوسف الخال (ابن الشاعر اللبناني الراحل يوسف الخال).. وكان المسلسل يحلّق بكلمة (لو) في فضاءات من الأمنيات والحسرات وما بينهما من كل احتمالات، منذ أغنية مقدمته (بصوت إليسا - تأليف وتلحين مروان خوري) حتى آخر لقطة في حلقته الأخيرة.. لو.. ليست كلمة بعيدة عن كل لحظة يعيشها إنسان، إنما هي علامة فارقة في كثير من الأحيان. ثمة ديوان نثريّ أطالعه الآن، وصلني كإهداء من الناشر، لكاتبة وإعلامية لبنانية بريطانية اسمها (ندى حطيط) حاصلة على دبلوم دراسات عليا في الإخراج والتمثيل من الجامعة اللبنانية وماجستير في صناعة الأفلام تخصص وثائقيات من جامعة كينغستون في لندن، وديوانها صادر عن دار الفارابي هذا العام 2017 بعنوان (لا مدينة تلبسني) واستوقفني فيه نصٌّ بعنوان (لو) جاء على هذا الشكل: (لو يعيدُ الفجرُ اختراعَ إطلالتهِ كي لا تتكرر الأشياءُ لو يصبحُ النومُ غيمةً والشمسُ يماماً والذاكرةُ رجلَ ثلجٍ يذوبُ ولا يتكوّرُ لو تنفضُ الذاكرةُ عنها ساقَ الرؤيا وتنفضُ صخرةَ الامتلاء لو ترخي حمّالة صدرها لتفيض الحلمتانِ لو تتشدّق بحشوةِ القشاشِ وبأمواج البشر فيها تشعلها وتشعلهم وتستحمّ بالماء لو.....) كلمة (لو) في هذا النصّ تتأمّل في الكون عند بعد، وكأننا لسنا الجزء الحقيقيّ منه، إنما نحن كبشر مجرد أمواج تتلاطم فيه وتنتظر منه أن يتغير ويصبح أكثر وضوحاً أو جمالاً.. في حين أن الكلمة نفسها (لو) جاءت في ذلك المسلسل صرخة رافضة وعاتبة وباكية على حال ما كان سيكون لو... فقط هذه المقاربة الخاطفة خطرت ببالي وأنا أطالع هذا الديوان وأتذكر ذلك المسلسل!