يقول مساعد الرشيدي - رحمه الله -: في طريق كنه الموت والحالي وحيد.. قلت ابحيا والمنايا تبوح بسدها عندما يموت الشاعر يفقد العالم جزءا من نبضه وإحساسه ومشاعره، وتردد العصافير أبياته لحنايا الشجر وضوء القمر، وان استمر النهر إلا أن هناك تدفقا ما لم يستمر، عندما يموت الشاعر يُشرع للجميع البكاء وترديد قصائده صباح مساء، حتى ولو مات الشاعر بعيدا عن قصائده إلا أن قصائده تنبت في حقول قلوبنا وفي فصول حياتنا ومواسم حنين، رحل عنا قريبا الإِنسان الشاعر العلم مساعد الرشيدي - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته - فكان قريبا للجميع بروحه وأريحيته بحبه وحبره وبحر شعره، برهافة حسه، وعمق تجربته وروعة منجزه الشعري، بكل ما تحمله هذه الكلمات من ديمومة واستمرارية وخصوصية وخصوبة، تاركا لنا - رحمه الله - فراغا كبيرا في الساحة الشعرية لما يحمله من أدوات شعرية وفنية وإبداعية، فرحل عنا بكل حزنه ومزنه: حزين من الشتا ولا حزين من الظمأ يا طير.. دخيل الريشتين اللي تضفك حل عن عيني دخيل الما وملح الما وحزن الما قبل ما تطير.. تهيا للهبوب اللي تصافق في شراييني فالمتمعن للمشهد الشعري للشاعر مساعد الرشيدي - رحمه الله - يجده مشهداً شعرياً متنامياً من حيث الأسلوب والبناء، والتراكيب واللغة المشحونة بطاقة حسية وحوار داخلي، متجسد في ثنايا النصوص بأشكال ومضامين متنوعة وجديدة، ومن حيث توهج الصور الشعرية الحسية والمعنوية التي يرسمها لنا بريشة فكره وألوان حسه، فنجد تلك اللغة المتشظية بجميع سياقاتها ومستوياتها ودلالاتها وتراكيبها، عبر مظاهر الانحراف والانزياح اللغوي داخل النص.. أدرج مثل النهار اللي لمح ظله وشافه.. أطرق مثل المشيب اللي غشا روس الخطايا فمن منا لم يحركه نزفه وعزفه على وتر المشاعر وضفاف الشعور، ومن منا لم يبلله بمزنه ويسكب به حزنه، فالشاعر مساعد الرشيدي أحد المؤثرين والمثمرين في النص الشعري المعاصر، استطاع بفكره المتقد وأسلوبه الودق إيجاد تراكيب لغوية جديدة ورسم صور شعرية مبتكرة مبتعداً عن رسم الصورة البسيطة التقليدية المباشرة، عن طريق تقنية التداعي والنمو للمشهد الشعري المراد إيصاله من الصورة الجزئية البسيطة إلى الكلية المركبة، واضعاً لنا رؤيته الخاصة للأشياء برؤية عميقة تنم عن حدس يستطيع التقاط التفاصيل الدقيقة واعادة ترجمتها برؤية أنيقة ورؤية عميقة ولما تتسم به من أفق فكري وجداني عام، لتحمل خصوصية التجربة وملامح التجديد في رؤية واعية وقراءة آنية للذات المبدعة، فعندما يندلق النص من سماء فكره نجدنا مبللين برذاذ لغته، وماء فكره وسماء وعيه فتنساب المعاني رقراقة عذبة شجية بكثافة دلالية عميقة أنيقة، فرحل الشاعر مساعد الرشيدي وترك لنا تجربة ثرية مثرية مثمرة محملة بالعطاء الشعري ومساهما في بناء القصيدة الشعبية وتبلورها بكل ما تحمله من رؤى عميقة ورؤية أنيقة يحق لها الخلود في الذاكرة والاستمرارية في صفحات التاريخ، حيث يقول ذات شموخ - رحمه الله -: قولي لهم يا عزوتي ما عابنا موت النخيل اللي يوافيها الأجل وتموت لكن واقفة آخر عباراتي وداع آخر مشاويري رحيل جيتك وكبدي ناشفة وأقفيت كبدي ناشفة - رؤية/ إبراهيم الشتوي @ibrahim_alshtwi