لم يسبق أن دخل اتحاد رياضي سعودي (جديد) امتحانًا سريعًا وعسيرًا ومباشرًا ومتابَعًا مثل ما يحصل للاتحاد السعودي لكرة القدم هذه الأيام. بعد قرابة شهرين فقط من انتخابه (في 31 ديسمبر الماضي) أصبح الاتحاد ورئيسه (في المحك) من خلال قضيتين احترافيتين، تحوَّلتا إلى قضية رأي عام، وأصبح الكل يتطلع إلى وينتظر كيفية البت فيهما، والقرار الذي سيطبَّق بحق الأطراف المشاركة فيها من أندية ولاعبين ووكلاء أعمال أيضًا. القضيتان هما قضية حارس (الشباب والأهلي) محمد العويس بعد انتقاله من الأول إلى الثاني، وقضية مدافع (النصر والهلال) عوض خميس، بعد توقيعه للثاني ثم عودته إلى الأول. المحك ليس بسبب القضيتين، ولا قيمة أو شهرة اللاعبَين، وإنما بطبيعة الحال وجود أندية كبيرة (ذات نفوذ) في الكرة والرياضة السعودية، وتضارب المصالح بينها؛ ما يحوِّل القضيتَيْن إلى (بالون اختبار) كبير، ومؤشر عملي للحالة التي سيكون عليها اتحاد الكرة (الجديد)، والعمل الذي سيقدمه، وهل يمكنه النجاح وقيادة الكرة السعودية أمام العواصف التي ستواجهه مستقبلاً بالعمل، وليس بالكلام والتنظير؟ هل سيكون محقًّا في العبارات التي رفعها رئيسه في حملته الانتخابية، والشعارات التي أطلقها، ومبشرات العدل والإنصاف وإحقاق الحق والوقوف على مسافة واحدة من كل الأندية؟ أم سيتحول كل ذلك من البداية إلى (تنظير وكلام في الفاضي)؟ كل ذلك سيتجلى ويظهر ويتحقق من خلال ما سيتم اتخاذه، ومدى تطبيق القوانين والأنظمة واللوائح في القضيتين، بغض النظر عن المستفيد والمتضرر. في مقالي الأسبوع الماضي، الذي كان عنوانه (حتى لا يستمر التنظير)، قلت ما نصه: «.. لا تعاني الرياضة السعودية من القرارات؛ فهي دائمًا كانت موجودة، خاصة أنها في بعض أهم فتراتها كانت تدار بخبرات رياضية، وإدارات (تكنوقراط)، وأيضًا بطريقة علمية مدروسة، غير أن ما عانت وتعاني منه هو (التنفيذ) وتطبيق القرارات؛ وتلك آفة الرياضة السعودية في كثير من مراحلها، وذلك أيضًا أحد أهم أسباب أزمات ومعاناة الأندية الرياضية». وأشرت إلى أن «هناك حالات كثيرة حدثت فيها أخطاء وتجاوزات واختراق للأنظمة والقوانين، لكن القرار يغيب، والقواعد لا تطبَّق، وإذا حضرت في بعض الحالات تأتي مجزأة أو (مخففة)، وفي حالات تأتي بالإعفاء، ويأتي (الاستثناء) في حالات أخرى.. وتبقى القاعدة أن الأنظمة موجودة، ولكنها لا تُفعَّل». وقد أوردتُ مثالَيْن على ما ذكرتُه، ومن الممكن طرح العشرات من الأمثلة، وعلى كل المستويات: الأندية واللاعبين والمنتخبات والمدرجات والإعلام واللجان.. إلخ، وكله من الماضي. ما أرجوه أن لا نكون أمام مثالين (حديثين) جديدين صارخين وحاضرين وسريعين، ويسجلان كأول أعمال اتحاد عزت (الجديد)، الذي لا تزال الآمال معلقة به. كلام مشفر * نُقل عن الدكتور صالح أحمد بن ناصر وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب (الأسبق) وأول رئيس للجنة الاحتراف قوله «إن الاحتراف في المملكة لم ينجح حتى الآن، بعد مرور 25 عامًا من تطبيقه»؛ والسبب في ذلك كما يقول هو «نفوذ الأندية الرياضية»!! * ما قاله الدكتور صالح يتفق معه فيه كل من في الساحة ويتابعها، غير أن الاستشهاد به سيكون مختلفًا، على اعتبار أنه (عراب الاحتراف) الذي ترأس اللجنة على فترتين مختلفتين، وهو واحد من ثلاث شخصيات رئيسة (الدكتور عبدالفتاح ناظر وعبدالله الدبل - يرحمهما الله -) صنعته، ووضعت أسسه وقواعده. * أحد أسباب تأخير الحكم في قضية واضحة ومكتملة العناصر، وتمطيط الوقت قبل البت فيها، قد يكون الرضوخ لقوة النفوذ. ويتمدد الرضوخ بتشكيل لجان داخل اللجنة المسؤولة عن القضية، على طريقة (إن أردت أن تضيع قضية فشكّل لها لجنة). وأكثر قضايا الاحتراف تتفرق لوائحها بين اللجان داخل اللجنة! * من أعجب ما نسمع ولا يمكن تصديقه أن هناك قضية يتجه الحل فيها إلى أرضاء الطرفين عن طريق (حب الخشوم)، ولا يوجد في لوائح الاحتراف بند تحت هذا المعنى، ولم يرتقِ يومًا في الرياضة إلى درجة (العرف).. العرف يُقبل به عندما لا يتبادر غيره عند سماعه، وهذا لا يستقيم مع وجود أنظمة ولوائح. * الاختيار الصحيح للأسماء والشخصيات ومن يتولون مهام المسؤولية هو نصف المسافة في الوصول إلى النجاح وتحقيق المطلوب. النصف الباقي يتوزع بين إمكانيات المسؤول وخبراته وفريق عمله وتطبيقه الأنظمة واللوائح. * الكفاءة والشخصية هما الرد الذي يرد به على كل من يضع علامات استفهام حول اختيار بعض المسؤولين عليهم علامات استفهام لترؤس أو إدارة الأجهزة أو اللجان. المواقف والقضايا هما (المحك) والميزان (الذهبي) لتأكيد ذلك من عدمه.