تعتبر المرحلة الحالية إعادة اكتشاف لمخزون المعادن في الجزيرة العربية داخل أراضي المملكة العربية السعودية، بعد أن كانت الجزيرة العربية طوال تاريخها القديم من الموارد الأساسية للمعادن الفلزية الذهب والفضة والحديد والنحاس والأحجار الكريمة والغالية، وكانت المعادن تنقل من الجزيرة العربية إلى مصانع خارج الجزيرة بالعراق وإيران والشام في عهود قبل الإسلام، وفي العهد الإسلامي الأموي والعباسي حتى العهد العثماني. هذا من الناحية التاريخية، أما واقع اليوم فقد أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية الأسبوع الماضي، عن اكتشافها احتياطياً ضخماً من النحاس والذهب في منطقة الدرع العربي بالرياض بالقرب من مدينة الدوادمي، ويتم تقييم المنطقة والكمية والاحتياطي لطرحها فرصاً استثمارية أمام المستثمرين تكون عوائدها للدولة. أما من حيث جغرافية الأرض التي تم الاكتشاف فيها، فهي شريط تعديني يمتد من شمال غرب المملكة عند الحدود الأردنية وحتى الجنوب الغربي عند الحدود اليمنية، وشريط التعدين محصور ما بين: المرتفعات الغربية سلسلة جبال مدين من الشمال، والوسط جبال الحجاز، ومن الجنوب جبال السروات، وبين قوس رمال النفود الكبير، وحافات جبال طويق ورمال الربع الخالي شرقاً، وهي هضاب من الشمال حسمى والوسط الحجاز ونجد والجنوب عسير ونجران، فهذه المنطقة وبخاصة مدينة ومحافظ الدوادمي تتركز فيها المعادن الفلزية والمعادن اللافلزية بكمية كبيرة فيما يعرف بمناطق عالية نجد. إذن لدينا مساحة تشكل ثلث مساحة المملكة التي تبلغ نحو (2) - مليوني كيلومتر مربع تقريباً - وتجمع بين صخور الدرع العربي القاعدية وصخور القطاع الرسوبي المتحولة، وهذا الشريط غني بالمعادن الفلزية واللافلزية وبكميات اقتصادية ستكون مورداً اقتصادياً جديداً للدولة وللمستثمرين، وهي من معطيات ومرتكزات التحول الوطني، حيث يشكل التعدين في الرؤية الواسعة المحور الثاني بعد النفط، وكثير من الدول تعتمد على خامات التعدين كمورد اقتصادي أساسي، في حين مازلنا لم نشرع به ولم يدخل في دورة اقتصادنا كعنصر بديل للنفط.