منذ خمس سنوات، ونحن نتابع الحملة الإعلامية الشعواء ضد المملكة، والتي تشارك فيها قنوات وصحف غربية كبرى، لم نكن يوماً نظن أنها ستتخلى عن مصداقيتها وحيادها، كما تشارك فيها رموز سياسية وإعلامية غربية، من الأسماء التي طالما اعتقدنا أنها أكبر من تبيع ضمائرها، ولم يَعُد سراً أنّ هذه الحملة منظمة، ومدفوعة الأجر، وتقف وراءها دولة إقليمية توسعية، تسمّى إيران، تقوم أجنداتها على العداء للمملكة، ولعل السياسة المترددة والرخوة للإدارة الأمريكية السابقة ساهمت في توسع هذه الحملة المسعورة ضد المملكة، إذ ساهمت سياسات تلك الإدارة تجاه حلفائها التاريخيين في منطقة الشرق الأوسط، وانجرافها نحو إيران، على تشجيع الأخيرة على التمادي في مخططاتها التوسعية، والإنفاق ببذخ على أصحاب الذمم المعروضة للبيع في سوق الإعلام العالمي! لقد كان لافتاً أن ينجرف مثقف مرموق، مثل الأمريكي من أصل هندي، فريد زكريا، صاحب المقال الشهير: «لماذا يكرهوننا؟!» إلى هذه اللعبة الإعلامية الرخيصة، والمدفوعة الأجر، فهو إعلامي كبير، وناقد، وليس بحاجة أبداً لأن يصبح رمحاً بيد أحد . هذا، ولكنه سخر برنامجه في قناة cnn، ومقالاته لنقد المملكة، والغريب أنه يفعل ذلك، في الوقت الذي لا تسمع له همساً فيما يخص إيران، رغم كل ما ترتكبه من انتهاكات، سواء في الداخل الإيراني، أو في الدول التي تدور في فلكها، وتحديداً سوريا والعراق، وهذه لعمري كبيرة في حق هذا المثقف، الذي كسب شعبية لا يستهان بها، وكانت آخر تجلياته، يوم الأحد الماضي، هي محاولة جر ضيوف برنامجه الموقرين عنوة، للهجوم على المملكة، وهو الأمر الذي فشل فيه، إذ لم تكن المملكة طرفاً في الموضوع محل النقاش، وهو يفعل ذلك عن سبق إصرار وترصد، وبشكل لا يليق بمثقف، ذي سمعة جيدة، وأطروحات متميزة. ما يفعله فريد زكريا هو نسخة مكررة لما يفعله بعض إعلاميي ومثقفي الغرب، الذين تخلوا عن حياديتهم، وأصبحوا سلعة في سوق النخاسة الإعلامي، وذلك بعد أن اكتسبوا شهرة واسعة، وغني عن القول إن زكريا سبق وأن تمت محاسبته، وأوقف برنامجه التلفزيوني، بعد أن تم الكشف عن أنه كتب مقالاً، انتحل جزءاً منه من مقال لكاتب آخر، وبسبب هذه الحملة المسعورة على المملكة، فقد كان خصومها ينتظرون قطف الثمرة، ولكنهم صدموا بصدور الأمر التنفيذي للرئيس دونالد ترمب، وذلك بإدراج إيران، ضمن الدول التي تم منع رعاياها من دخول أمريكا، وفي ذات الوقت، اتصل الرئيس ترمب بخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، ولم يكن الاتصال بروتوكولياً، بل كان اتصالاً هاماً، استغرق ساعة كاملة، تناول فيه الزعيمان معظم القضايا التي تهم البلدين، وهو الاتصال، الذي وصفه الدكتور وليد فارس، مستشار الرئيس ترمب، بأنه: «رسالة من الرئيس ترمب لقاعدته الشعبية العريضة في أمريكا، بأنّ المملكة العربية السعودية حليف مهم للولايات المتحدةالأمريكية، وذلك رداً على الحملات المسعورة ضد المملكة داخل أمريكا، في زمن الإدارة السابقة»، أما الملفات التي تطرّق لها الزعيمان، الملك سلمان وترمب، خلال الاتصال، فسنكتب عنها مقالاً مستقلاً، لأنها هي المشتركات التي تجعل التحالف السعودي - الأمريكي أمراً في غاية الأهمية، سواء تعلق الأمر بأمن واستقرار البلدين، أو أمن منطقة الشرق الأوسط الملتهبة.