رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» الدكتور خالد المحيسن عاتِبٌ على بعض الأجهزة الحكومية التي لا تتعاون مع الهيئة ولا تزودها بالمعلومات التي تحتاج إليها عن جهود مكافحة الفساد في تلك الأجهزة كي تقدمها إلى منظمة الشفافية الدولية التي تصدر سنوياً ما يسمى ب«مؤشر مدركات الفساد CPI» الذي يحدد ترتيب دول العالم في جهودها لمكافحة الفساد ويتم تعريفه على أنه المؤشر الذي يقيس «إلى أي مدى يتم إدراك وجود الفساد بين المسؤولين الحكوميين». فبالرغم من أن ترتيب المملكة في عام 2016 كان الرابع بين الدول العربية ولم تسبقها سوى الإمارات وقطر والأردن التي جاءت في المراكز الأول والثاني والثالث، على التوالي، إلا أن ترتيب المملكة تراجع في عام 2016 عما كان عليه في عام 2015 حيث كانت المملكة في المركز رقم 48 وتأخرت إلى المركز 62 في المؤشر الجديد. ترى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن تأخرنا هذا العام كان بسبب عدم تجاوب بعض الأجهزة الحكومية بالرغم من إلحاح الهيئة وإقامتها لعدة ورش عمل أوضحت فيها نوعية المعلومات المطلوبة من الأجهزة الحكومية لكي تقدمها إلى منظمة الشفافية الدولية. وقد لا يكون غريباً عدم تجاوب بعض الأجهزة الحكومية مع الهيئة في تقديم المعلومات المطلوبة، فهذه الأجهزة لا تتجاوب مع الهيئة في جهودها لمكافحة الفساد في الكثير من الأحيان، حسب تصريحات مسؤولي الهيئة، فتقف عاجزة عن كبح بعض الممارسات التي تدخل ضمن عمليات الفساد، ولذلك يمكن فهم لماذا لا تزود هذه الأجهزة الهيئة بمعلومات عن جهودها لمكافحة الفساد! وبتعبير آخر، فإن امتناع بعض الأجهزة الحكومية عن تزويد الهيئة بالمعلومات المطلوبة ل«مؤشر مدركات الفساد» هو فساد بحد ذاته، ومن ثم فإنه يتعين على الهيئة -من وجهة نظري- أن تحاسب تلك الأجهزة غير المتعاونة. إننا حينما ننظر إلى الدول التي حققت مراكز متقدمة في مؤشر مدركات الفساد نجد أنها في معظمها هي الدول المتقدمة في أوروبا وأمريكا الشمالية بينما نجد أن الدول التي جاءت في ذيل القائمة هي الدول المتخلفة التي يُطلق عليها اسم «الدول النامية»، وقد كان نصيب الدول العربية كبيراً في احتلال ذيل القائمة. إن مؤشر مدركات الفساد هو أحد المؤشرات الرئيسية التي تحدد جاذبية البلد لدى المستثمرين الأجانب، كما أنه يدل على مدى تحضر البلد وسيادة القانون فيها وتضاؤل درجة الفساد. وبالنسبة لنا، كمواطنين، يمنحنا هذا المؤشر الثقة في أجهزتنا الحكومية عندما يكون ترتيبنا عالياً فيه. وبالطبع فإن ارتفاع ترتيبنا بالمقارنة بالغالبية العظمى من الدول العربية لا يمنحنا العزاء، فمعظم الدول العربية غارقة في الفساد ولا يُقاس عليها.