هذا كتاب أهداني نسخة حاسوبية منه ابني الأستاذ فهد الخلف، وهو من تأليف شوقي المعري، وهو مستفاد في مضمونه من الوارد في الجزء الثاني من كتاب (مغني اللبيب عن كتب الأعاريب) لابن هشام الأنصاري، وهو مثل كتاب فخر الدين قباوة (إعراب الجمل وأشباه الجمل) ولكني أحسبه دون كتاب فخر الدين، وقد استوقفني تعريفه شبه الجملة، قال «شبه الجملة هي الظرف، أو الجار والمجرور اللذان يتعلقان بالفعل، أو الاسم، أو الحرف. وسميت شبه جملة لأنها تتألف من كلمتين أو أكثر، أو لأنها ليست بالكلمة وليست بالجملة، وهي قريبة من الجملة إذا ما تعلقت بالفعل وقريبة من المفرد إذا تعلقت بالاسم، ولا بدّ من تعليق شبه الجملة لأن معناها لا يتضح بلا تعليق، وتعليق شبه الجملة يكون في الكلمة التي يتم فيها المعنى سواء كانت هذه الكلمة ظاهرة أم مقدرة. والتعليق هذا هو تعدية الفعل بشبه الجملة إلى المعنى»(1). وما جاء في هذا التعريف تعميم وإطلاق متوقف فيه، ذلك أن استعمال مصطلح شبه الجملة جاء في كتب النحو المتأخرة عند الحديث عن خبر المبتدأ، فهو قد يكون مفردًا وهو الأصل، مثل (زيدٌ منطلقٌ)، أو جملة فعلية مثل (زيدٌ ينطلقُ) أو جملة اسمية مثل (زيدٌ أخوه منطلقٌ)، وقد يكون الخبر الظاهر لا هو بالمفرد ولا هو بالجملة الفعلية أو الاسمية، وذلك حين يكون ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا، ولذلك سمّي عندهم شبه جملة؛ لأنه يقوم مقامها وإن لم يكن لفظه مبينًا لركنيها، ومعنى هذا أنّهم لا يطلقون على الظرف أو الجار والمجرور مصطلح شبه الجملة إلا إن كان ما تعلقا به حذف حذفًا واجبًا كما في خبر المبتدأ أو النعت أو الحال أو صلة الموصول. أما المتعلق بفعل أو اسم ظاهر فهو قيد على الفعل أو الاسم العامل ولا يقوم مقامهما، وهو قيد لا يختلف عند غيره من القيود كالمفاعيل المختلفة، فلا نقول عن (إلى المكتبة) شبه جملة في مثل: زيد قدم إلى المكتبة، أو زيد قادمٌ إلى المكتبة. ويبقى في النفس شيء من هذه المسألة، وهو أن الأصل في إطلاق شبه الجملة إنما هو على الاسم العامل الرافع لفاعل أو نائب فاعل كما في (زيدٌ منطلقٌ صاحباه) فصاحباه فاعل للوصف منطلق، وهو على الرغم من رفعه الفاعل لا يعد جملة فالجملة إما فعل وفاعل أو مبتدأ وخبر، وليس هذا منهما ولا يستقل استقلالهما، فهو من جهةٍ مفرد ومن جهةٍ رافع للفاعل رفع الفعل للفاعل، فأشبه بذلك الجملة، ومثله (زيدٌ مُكرَمٌ والداه) فوالداه نائب فاعل لاسم المفعول (مكرَم) ولكنه لا يؤلف معه جملة كالفعل ونائب الفاعل؛ ولذا يعدّ شبه جملة، ومن هنا يمكن القول إن الظرف أو الجار والمجرور إن هو تعلق بالاسم العامل فهو لا يؤلف معه جملة بل يكونان شبه جملة مثل (زيدٌ قادمٌ صاحباه إلى المكتبة) فقولنا (قادم صاحباه إلى المكتبة) لا يؤلف جملة بل شبهها منذ كان فيها رافع ومرفوع هو فاعل الوصف، وكذلك إذا كان العامل محذوفًا وجوبًا كما في الخبر والنعت والحال، ومعنى ذلك عندي أن ما يكون صلة موصول ليس من قبيل شبه الجملة لأنه متعلق بالفعل لا الاسم فصلة الموصول لا تكون إلا جملة فعلية، مثل (زيدٌ أكرم الرجل الذي في جوارنا) أي الذي يستقر في جوارنا. والذي أريد الانتهاء إليه أنه لا يطلق مصطلح شبه جملة إلا على الظرف أو الجار والمجرور إن وقعا خبرًا، مثل: (زيدٌ أمامَك)، و(زيدٌ في المكتبة)، أو نعتًا، مثل: (رجل أمامَ البيت يسأل)، و(رجل في الحضرة يسأل)، أو حالًا، مثل: (خرج زيدٌ أمام البيت)، و(خرج زيدٌ في حلة جديدة). ... ... ... (1) شوقي المعري، إعراب الجمل وأشباه الجمل (ط1، دار الحارث/ دمشق، 1997م)، ص 133.