منذ عام وعبر صحيفة الجزيرة وعلى صفحات المجلة الثقافية التي أحببتها في مراهقتي واحتضنت نضجي كتبت رؤى وخواطر من بينها (كؤوس الوجع) و(مائة عام في الذاكرة). في الأولى كتبت عن ابن زريق وقصيدته الخالدة (لا تعذليه) وكيف لقصيدة واحدة فقط كتبت بكل وجع وإحساس أن تعيش مئات السنين ولا تنسى! بالمقابل تأتي رواية الكاتبة الأمريكية مارغريت متشل (ذهب مع الريح) وهي روايتها اليتيمة لتكون جزءاً من الذاكرة وتتداولها الأجيال كلمات ومشاهدات تعلقت بها الأحداق والقلوب ورقاً أو على شاشات السينما والتلفاز. بالرغم من كل الاختلافات والفوراق الثقافية والاجتماعية وأيضاً الزمنية بين ابن زريق وميتشل ولكن ما جعلني أقارن بينهما هو خلود القصيدة والرواية. كلاهما -ابن زريق وميتشل- كتب بشعور وإحساس، كلاهما مؤمن أن الكتابة هي صوته ونبضه وكل أمره. لذلك عندما تعثرت السبل بشاعرنا كتب يناجي محبوبته يعتذر يشرح يبرر ويستعطف الزمان أن يكون رفيقاً به ويحتضن كلماته إلى الأبد لتكون شاهداً على عثرات حظه، وبينما كان الخيال يجمع أطرافه وينسج لنا الأحداث كانت ميتشل لا تستعجل الأيام حتى بلغت روايتها سبع سنوات من التكوين لتخرج شامخة. الكتابة ليست غلافاً أنيقاً يضم كلمات ولكنها كلمات تكتب إنساناً تغلفه بالصدق وتطبعه على ذاكرة التاريخ. * لن تبلغ المجد حتى تكتب بدم قلبك..! ... ... ...