يبدو الأمر صادماً للبعض، خصوصاً أولئك الذين يبحثون عن أسرع وأسهل طرق جمع المال عبر الشهرة، ويربطون بينها وبين الثراء في -مُتلازمة غير لازمة- مؤخراً لفت انتباهي نتائج استطلاع تم حول أسباب بحث بعض الشباب السعودي (من الجنسين) عن الشهرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي -بأي ثمن- مُعتقدين أن من أصبحوا مشاهير عبر هذه الوسائل مثل (سناب شات، تويتر.. غيرها) يملكون المال ببساطة من الإعلانات, نتيجة كثرة المُتابعين والشهرة، وبات البحث عن المال والثراء أحد الأسباب الرئيسة التي اختارها الشباب في هذا الاستبيان كهدف ومُبرِّر للشهرة؟!. حتى في الفن والرياضة والإعلام التقليدي هناك مشاهير (محليون وعالميون) يعيشون أو عاشوا (حدَّ الكفاف) وربما لامس بعضهم (خط الفقر) قبل وفاته لأسباب مُتعدِّدة، بعضهم تصرف في المال الذي جمعه بشكل خاطئ، وآخرون لم تجلب لهم الشهرة المال أصلاً.. هذه القصص -عِبر- لمن يربط بين الغنى والشهرة، والقضية أشبهها (بالنجاح) الذي ليس شرطاً للشهرة.. فهناك مشاهير فاشلون، مثلما أن هناك مشاهير فقراء ومفلسين مالياً، ومشاهير من الطبقة الكادحة، والوسطى، وآخرين من الطبقة الثرية... إلخ؛ المسألة غير مُرتبطة ببعضها. الفشل قد يكون من أسباب الشهرة، والفقر قد يقود للشهرة أيضاً، مثلما أن الموت أحياناً هو سبب للشهرة، فمن منا لا يعرف (عباس بن فرناس)؟.. الذي دفع حياته ثمناً لأول محاولة طيران في التاريخ.. سهولة الوصول إلى الشهرة اليوم، حتى دون أن تغادر منزلك او تبذل أي مجهود إبداعي وخارق في فن من الفنون، هو ما أنتج لنا (الهالة الزائفة) التي يغلف بها المشاهير أنفسهم، وعلينا تحذير شبابنا وبناتنا من الانزلاق خلف بريقها على حساب (دينهم ووطنهم وأخلاقهم). الأطفال يحبُّون اليوم -نحو شهرة- وسائل التواصل الاجتماعي المجانية، فكيف بالكبار؟!.. هذا الشغف الخاطئ بالشهرة، والجنون الإلكتروني الحديث الذي أصاب بعض أفراد المُجتمع، أحمِّل مسؤوليته (مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي) أنفسهم، الذين خادعوا مُتابعيهم وخدعوهم في ذات الوقت، عندما صوَّروا لهم حياة الشهرة بأنها (مادية مثالية مُترفة)، وهي لا تعكس واقع الجميع. أذكُّر هنا قول أحد السلف يوماً ما (أدنى نفعِ السكوت السلامة، وكفى بها عافيَة، وأدنى ضرَر المنطق الشهرة، وكفى بها بليّة)!. وعلى دروب الخير نلتقي،،،