نواصل الحديث عن خصائص مجتمع "السنابيين"، محاولين رصد عجائب برنامج "السناب شات"، وما أتاحه للناس من نقلة نوعية في تواصلهم، والخاصية التي يمكن التحدث عنها بداية هي قدرة هذا البرنامج على فن الدعاية والإعلان بأبخس الأثمان وأقل التكاليف، فلو مررت ذات يوم أمام بوابة إحدى الماركات العالمية التجارية ووجدت الجماهير متحلقة حول أحد منتجاتها، فلا تستغرب مطلقا، وأعلم أن أحد مشاهير "السنابيين" وظّف حسابه الشخصي لعرض هذا المنتج، واشترى منه باتفاق مسبق وعمل دعائي مخطط له بين هذا المشهور "السنابي" والماركة التجارية تلك. الأكل في المجتمع السنابي فضيحة بحد ذاتها، ف "السنابيون" لايتذوقون طعاما على المائدة إلا بعد تصويره ونشره على سناباتهم، بل سأخبركم بما هو أطرف، يُقال إن المطاعم باتت أكثر رواجا بسبب تزاحم "السنابيين"؛ لأن غالبيتهم لا يأتي لتذوق الطعام والاستمتاع بالمكان، إنما من أجل أن يتباهى أمام أفراد مجتمعه "السنابي"! بأنه تناول غداء اليوم في المطعم الفلاني، وتعشى في المطعم العلاني، وأكل كذا وشرب كذا، ولهذا فموائد بيوتنا قبل أن تصل إلى حلوقنا باتت تصل إلى العالم كله، وبات من السهل عليك أن تعرف مائدة جارك، وجار جارك، بل وتحركاته في كل لحظة ودقيقة، وهي مصيبة وأي مصيبة!! تعالوا معي إلى مشاهير الواقع الذين أبهرهم هذا البرنامج الافتراضي فالتحقوا بعالم "السنابيين"، وأريدكم أن تقفوا على ما حدث في حياتهم من تحول، فبعد أن كانت السرية والغموض تحيط بحياة فئة المشاهير، واعتقادنا الخاطىء بأن مشاهير الواقع يعيشون بطريقة مغايرة لحياتنا، وأن ممارساتهم اليومية ليست سوى ضرب من العجب العجاب، التي لا يصدقها بشر فقد تمكن هذا البرنامج الحيوي من كشف هذا السر وتغيير كل المفاهيم، بل وحل الألغاز الغامضة، ففي "السناب شات" رأت الجماهير مشاهيرها على حالتهم الطبيعية، فهم يستيقظون صباحا، ويقودون سياراتهم بأنفسهم، ويمارسون الرياضة، ويشترون احتياجاتهم من المحال التجارية، وكنا نتوقع أن يسقط "السناب شات" هالة الشهرة من حولهم لكننا اكتشفنا العكس، فقد ساند "السناب شات" شهرتهم، وسجل لهم حضورا كبيرا ربما يفوق حضور بعضهم على المستوى الحقيقي. لي أن اُشير أيضا إلى دور إيجابي فعله "السناب شات" في يومياتنا، وهو دور المرشد السياحي، فلدى "السنابيين" أشخاص مشاهير جدا في الإرشاد السياحي، بعد أن وظفوا حساباتهم لنقل معالم الدول التي يزورونها وبشكل مباشر، والتعريف بالآثار وثقافات الشعوب، مستفيدين من خاصية امتاز بها هذا البرنامج، هي النقل المباشر الذي لا يدوم أكثر من 24 ساعة ثم يختفي، وأنا شخصيا تابعت عددا من الحسابات المهتمة بالسياحة، ووجدتها مفيدة للغاية، وتقوم بدور تثقيفي ربما لا تستطيع تقديمه أي إعلانات سياحية أخرى. من أبرز ما قدمه "السناب شات" النقل المباشر للفعاليات، حتى أنك تشعر بوجودك في قلب الحدث، لذلك لاحظنا مؤخرا أن الدول في فعالياتها المهمة باتت تحرص على دعوة مشاهير "السنابيين" ربما أكثر من حرصها على دعوة مشاهير الواقع، فبمجرد دعوتهم سيضمنون تسويقا ونقلا مباشرا لحدثهم بكاميرا جوال فقط، وهذا تطور مذهل في عالم الدعاية والإعلان جاء من بوابة "السناب شات" و"السنابيين". مختصر الكلام، لقد أحدث هذا البرنامج نقلة نوعية، لها بالتأكيد سلبياتها الكبيرة إذا لم يحسن استخدامه وتوظيفه التوظيف السليم، لكنه في واقع الأمر يحمل متعة قد تجر البعض للانزلاق دون وعي منهم بمدى الخطورة التي يحملها في طياته.