قد تكون الثروات الطبيعية متوفرة في كثير من دول العالم، هذا صحيح، لكن كيف يتم اكتشافها واستخراجها وتصنيعها، فلم يعد العالم اليوم في منافسة على تصدير مواده الخام، وإنما على الصناعات التحويلية والقيمة المُضافة، فمنذ اكتشاف النفط في المملكة انتقلت البلاد من التصدير إلى التصنيع، وازدهرت صناعة البترول كثيرًا، ثم غامرت البلاد أواخر السبعينيات في غرس بذرة البتروكيماويات، التي تشكَّلت وازدهرت في الثمانينيات، وكان لا بد أن تتجه الدولة إلى مزيد من الاكتشافات، ومزيد من الصناعات التحويلية، واتجهت الأنظار إلى التعدين الذي كان مرتكزاً لعقود طويلة على الذهب، لكن الاكتفاء بذلك المعدن لم يكن يتلاءم مع وطن طموح، فكأنما اللحظة تتكرر عند اكتشاف البترول، لنجد أنفسنا أمام منجم الفوسفات شمال البلاد، في حزم الجلاميد، وباحتياطيات تصل نحو 250 مليون طن، جعلتنا سادس دولة في العالم تمتلك احتياطيات لمعدن الفوسفات، وهو المعدن المستخرج منه الأسمدة المستخدمة بشكل واسع، ويُضاف إلى أعلاف الحيوانات، وكذلك المواد المطهرة والمستحضرات الصيدلانية والمبيدات الحشرية. ومن جانب آخر كانت عين الاكتشاف تحط في «البعيثة» بالقصيم، وتلتقط حجر البوكسايت، فينمو منجم خير هناك، قبل أكثر من سنتين فقط، وتصل طاقته الإنتاجية نحو 4 ملايين طن متري سنوياً، وهو مصدر مادة الألمنيوم التي تستخدم في معظم أوجه حياتنا اليومية. إن ما تم اكتشافه والعمل على استخراجه وتحويله إلى صناعات وسيطة ونهائية، أنجبت عددًا من المصانع المختصة، أسهمت في توفير فرص وظيفية لأبناء الوطن، حيث لم يعد الذهب والفضة والنحاس والزنك والرصاص وغيرها من المعادن النفيسة الفلزية هي فقط ما يمثّل خارطة التعدين في البلاد، وإنما أصبحت المعادن اللافلزية، كالفوسفات والبوكسايت ورمال السيليكا وخامات الإسمنت والجبس والصلصال والملح ومواد البناء وغيرها مصدر خير لهذا الوطن. ويحق لنا القول بأن معدني الفوسفات والبوكسايت، وما تحقق بسببهما من بنى أساسية في مدينة رأس الخير التعدينية، أنهما عينان في رأس التعدين في المملكة.