جاء في الأخبار أن وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي دشن خدمات إليكترونية جديدة من شأنها تمكين الوزارة من مواكبة التطورات التي أتاحتها التقنية الحديثة وذلك في سياق توجه جميع أجهزة الدولة نحو توظيف تقنية المعلومات، أو ما يعرف ب»الحكومة الإليكترونية»، في أداء أعمال الوزارات والهيئات ومختلف الأجهزة الحكومية. وهذا -مبدئياً- يعني تقديم خدمات إليكترونية متنوعة تسهل على المراجعين إنجاز معاملاتهم ذات العلاقة بالوزراة. وقد ورد في ثنايا الخبر أيضاً أن هذه الخدمات تشتمل على «نظام فسوحات الكتب والمطبوعات الذي يقدم خدمة للمؤلفين ودور النشر لإصدار تراخيص فسح الكتب والمطبوعات وطباعتها وفسح توزيعها بالمملكة». وسوف تتيح هذه الخدمة «رفع المطبوعات إليكترونياً، ومتابعة ملاحظات المراقبين عليها وتعديلها -إن لزم الأمر- واستكمال الإجراءات بشكل إليكتروني حتى إصدار إذن الطبع». كل ما ذكرته، أعلاه، بين الأقواس هو نقل حرفي من الخبر الرسمي المنشور، فليس سراً أن المؤلف السعودي يواجه حالياً معاناة شديدة في اللحظة التي يحاول فيها الحصول من الوزراة على فسح لكتابه المطبوع في الخارج أو الحصول على إذن لطباعته في الداخل. فالرقابة المتشددة التي تمارسها الوزارة قاتلة، وعندما يهرب منها المؤلف لطباعة كتابه في الخارج تكون له الرقابة بالمرصاد حين يحاول إدخال كتابه إلى المملكة، ونستثني من ذلك معارض الكتب، وبخاصة معرض الرياض الدولي للكتاب. قد لا يعترض أحدُ على الرقابة من حيث المبدأ بالرغم من سقوط رقابات الكتب في العالم كله في هذا الزمان الذي أتاحت فيه التقنية للقارئ الوصول إلى أي كتاب بألف وسيلة ووسيلة. لكن ما يأخذه المؤلف السعودي على الرقابة الممارسة من قبل وزارة الإعلام هو تشددها المفرط حتى أن بعض الرسائل الجامعية المجازة من جامعاتنا السعودية للدكتوراه والماجستير لا تعجب الرقيب أحياناً عند رغبة المؤلف في طباعتها فيطلب من المؤلف حذف كلمات أو جمل مهمة وأحياناً صفحات كاملة! بل إن الرقيب قد لا يوافق على منح المؤلف إذن لطباعة كتاب سبق أن نُشرت مادته في الصحافة المحلية لأسباب رقابية لا تبدو منطقية!!. إنني أخاطب معالي الدكتور عادل الطريفي، وهو الذي مارس الكتابة ورئاسة التحرير، بأن يوجه بإعادة النظر في الممارسة الرقابية المتبعة حالياً بالوزارة، فهي حقاً قاتلة ومعيقة للنشر والتأليف في زمن أصبحت الدول تفاخر بأعداد الكتب التي تطبع فيها سنوياً بينما المؤلف السعودي يهرب بكتابه إلى الخارج ويطبعه في لبنان أو مصر أو الإمارات أو لندن. ولعل تدشين الخدمات الإليكترونية الجديدة مناسَبة لإعادة النظر جذرياً في أمر الرقابة عندنا، وإلا ما الفائدة من هذه الخدمات الإليكترونية إذا كانت مجرد مواكبة شكلية متأخرة لما فعلته الأجهزة الحكومية الأخرى التي وظفت التقنية منذ سنوات توظيفاً حقيقياً وعملياً فأراحت المراجعين ليس في شكل الخدمة فقط بل في جودتها ومضمونها.