«وقد يجمع الله الشتيتين بعدما... يظنان كل الظن أن لا تلاقيا»: يوم الخميس الماضي، حطت طائرة الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، في واشنطن دي سي، للقاء خصمه، الرئيس باراك أوباما، تلبية لدعوة الأخير، وذلك بهدف مساعدة الرئيس المنتخب في مرحلة الانتقال السلمي للسلطة، وهو تقليد عريق، يرمز إلى سلاسة انتقال السلطة، في واحدة من أعرق الديمقراطيات والأنظمة المؤسساتية في العالم، ومن المسلَّم به أنه كان هناك عداء بين الرجلين، إذ اتهم ترمب أوباما بأنه لم يُولد في الولاياتالمتحدة، وتعهد بدفع مبلغ خمسة ملايين دولار لمن يثبت عكس ذلك، ومع أن أوباما يصعب استفزازه، إلا أنه دعا ترمب لحفل مراسلي البيت الأبيض، وذلك في عام 2011م، ثم سخر منه بشكل كبير، كان من ضمنه عرض فيديو، يبين أن ترمب، سوف يحوّل البيت الأبيض إلى ساحة لعرض الأزياء، فيما لو فاز بالرئاسة يوماً، وذلك في إشارة إلى ارتباط ترمب بالحفلات والحسناوات، ثم بعد ذلك، عرض أوباما شهادة ميلاده، التي تبين أنه من مواليد أمريكا. ترمب، الذي وصل لواشنطن على متن طائرته الخاصة، والضخمة، وذلك كأول رئيس يحدث له ذلك، كان في منتهى اللطف، أثناء لقائه بأوباما، كما أشاد كل منهما بالآخر، أمام وسائل الإعلام، وفي ذات الوقت، التقت السيدة الأولى، ميشيل أوباما، بالسيدة الأولى القادمة، ميلينيا ترمب، وزوجة ترمب هي عارضة أزياء، ولدت في بلدة صغيرة، فيما كانت تُسمى تشيكسلوفاكيا، ثم انتقلت للعمل في أمريكا، وتعرف عليها ترمب، ثم تزوجها بعد ذلك، وسوف تصبح ميلينيا ترمب هي السيدة الأمريكية الثانية، التي تُولد خارج الأراضي الأمريكية، منذ أكثر من قرنين، إذ إن زوجة الرئيس الأمريكي السادس، جون كوينسي آدمز، السيدة لويسا كاثرين جانسون آدمز، كانت من مواليد لندن، ولم تتسرّب أي تفاصيل من كواليس اللقاء، ولكن المؤمل أن لقاء الرجلين أذاب بعض الجليد، الذي كان يغطي علاقتهما، خلال السنوات الماضية. لفت انتباهي كمتابع، أن أوباما استقبل ترمب في الجناح الشرقي للبيت الأبيض، حيث توجد في خلفية الصور التي وزعها البيت الأبيض للقاء أوباما مع ترمب، صورة لأهم الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، الرئيس الأول لأمريكا، جورج واشنطن، ولعل أوباما أراد إرسال رسالة رمزية لترمب تقول: «أمريكا التي صنعها هذا الرجل العظيم أمانة لديك، فأحسن إدارتها»، ومن الصعب تخيل لحظة لقاء الرجلين الأولى، فقد كان بينهما تراشق كبير، خلال الحملة الانتخابية السابقة، إذ تحدث أوباما بكل قسوة عن ترمب، لدرجة أنه قال في أحد التجمعات، إنه لا يستطيع أن يتخيل تسليم الرئاسة من بعده لشخص غير مؤهل، مثل ترمب، ولكن هكذا هم الساسة، وهكذا هي السياسة، وثمة أمر آخر فعله ترمب، أثار غضب الإعلاميين، إذ غادر واشنطن، بعد لقائه بأوباما، دون أن يبلغ وسائل الإعلام بذلك، وهذا السلوك يُعتبر خارج نطاق المألوف، إذ إن من حق الشعب الأمريكي أن يعرف تفاصيل تحركات الرئيس المنتخب، وبالتأكيد أنه ليس من صالح ترمب، أن يبدأ برنامجه، بعيد فوزه بالرئاسة مباشرة، بمثل هذا الاستفزاز، لواحد من أشرس اللوبيات في الولاياتالمتحدة، فالإعلام الأمريكي يستطيع تدمير أي سياسي، وسنتابع معكم تفاصيل انتقال السلطة في أمريكا، مثلما تابعنا سير الانتخابات، منذ أكثر من عام، بإذن الله.