بعد غيبة ليست بالقصيرة وضع المنتخب السعودي أقدامه على طريق العودة إلى مستوياته التي أهلته لنهائيات كأس العالم عدة مرات وغاب عن هذا المستوى غياب غير مبرر لعدة سنوات عجاف، وقد قلتها في مقال سابق بعنوان (الأخضر سيعود قوياً) فهاهو الآن يعود مجدداً، وعيناه تحدق صوب النهائيات بكل عزم وثقة وأمل عريض. الرغبة في العودة القوية كانت حاضرة، والإحساس بأن هذا ليس مكان الأخضر ولا مستواه كان حاضراً، واللاعب رقم 12 كان حاضراً بقوة وبعزم وبإصرار أكبر، وإحساس اللاعبين بالمسئولية كان واضحاً، وقد ترجموه من خلال الأداء والانضباط وتقديم أفضل ما لديهم، الارادة كانت قوية والادارة أيضاً كانت قوية، أما الجانب الفني - مثار الجدل - فهو أيضاً كان في توقيته وبحساباته الخاصة وكان لا يقل مستوى عن بقية العناصر التي صنعت الحضور وهيأت للعودة إن لم يكن أكثرها حضوراً وفاعلية، وكان الاعلام بشكل عام والاعلام الرياضي على وجه الخصوص في مستوى الحدث والمسئولية، وكان إسهامه واضحاً في ما تحقق من نتائج ومستويات طيبة. نعم تصدر المنتخب السعودي لمجموعته الحديدية بعشر نقاط من أصل 12 نقطة وهي تضم بعض عمالقة القارة صنعته عدة أدوات وعوامل تكاملت وتضافرت فأعادت الثقة وصنعت الفرح وأكدت جدية العودة وتميز المستوى والنتيجة، وكان الفارق الواضح في مباراة المنتخب السعودي مع منتخب الإمارات تلك المواجهة السريعة الشرسة التي انتهت بفوز الأخضر بثلاثة أهداف نظيفة بتواقيع مختلفة في توقيت قاتل بثقة عالية وبجدارة نادرة وبأقدام شابة وبتركيز عال أكدت عودة المستوى والثقة والأحقية. حضور القيادة الرياضية بالقرب من اللاعبين كان له الأثر الواضح في بث الروح المعنوية والاهتمام بالحدث والمساندة الحقيقية، كما أن الجانب الإداري أكد توافر الخبرة والجدية والصرامة والتعامل بأسلوب لا يصنع إلا الانتصارات والفوز المتواصل بإذن الله، وحينما خلع الجمهور ثوب التعصب للأندية ووقف بكل إخلاص ووفاء خلف الأخضر كانت تلك هي البشارات الأولى التي تدل على أن الخطى تتجه بالفعل نحو طريق العودة. ما تحقق حتى الآن بلا شك شيء يثلج الصدر ويؤكد أن هناك عملاً جباراً يتم لكي يعود الأخضر إلى أفضل مستوياته ويتقدم أكثر، وهو شيء نتمنى أن يستمر ويتنامى، وهو ثمرة جهود مخلصة ومتواصلة على مختلف المستويات دون توقف أو تردد، وبمنظومة خطط تنظر نحو أهدافها بتركيز عال وبإمكانيات واقعية. القادم بإذن الله سيكون أفضل، وفقاً لمؤشرات الحاضر، ولحماس اللاعبين، لكنه يحتاج إلى المزيد من الجهد والتركيز، سواء كان من قبل اللاعبين، أو من جهة الإدارة، أو من جانب الجهاز الفني، أو دور الجمهور، أو من جانب الاعلام، لأن التحديات وتيرتها تصاعدية، والمواجهات تتقلص وتصبح بين أكثر المنتخبات قوة وامكانيات واستعداداً، والمشوار طويل وشاق ويحتاج إلى نفس طويل وإرادة قوية، وحماس اللاعبين يشير إلى أنهم بمستوى التحدي، وكذلك كافة أجهزة المنتخب واتحاد الكرة وهيئة الرياضة هم على قدر مهر التأهل إلى النهائيات، والجمهور أيضاً متعطش ومتشوق للوصول إلى أبعد مدى يطمح إليه، ولم يبق إلى تكامل هذه الأدوات وتضافرها لتصنع المزيد من الفرح وتفتح آفاقاً أرحب في طريق العودة والوصول إلى مراحل أكثر تقدماً إن شاء الله، وهذا ليس على الله ببعيد.