طفرة كبيرة جعلت من التطور التكنولوجي، والتقنيات الجديدة في مواقع التواصل الاجتماعي نافذة سريعة؛ لتداول الأخبار، والمعلومات. كما أسهمت بشكل مباشر في إحداث انقلاب في أسلوب التواصل السياسي، والموروث الثقافي، والاجتماعي، والفكري لدى المتلقي، فلم يعد للإرهاب وجه واحد، بل أصبح متعدد الوجوه، متعدد الأذرع، وإن كان من أبرز تلك الأدوات، التمويل، والتجنيد، باعتبارهما هدفين رئيسين للإرهاب الإلكتروني. كل ما يدور في هذا العالم الافتراضي، يتم التعامل معه على أساس أنه معلومة، بغض النظر عن صحته، أو خطئه؛ ولذا فإن الجانب المظلم في هذه التقنية الحديثة ظهور المنظمات الإرهابية؛ لتطل علينا بأفعالها الإجرامية مستهدفة شبابنا؛ لما تحتويه من سلبيات عديدة، تتمثل في نشر خطاب الكراهية، والتحريض، والعنف، والإرهاب، - إضافة - إلى تهديد أمن، واستقرار البلاد. وهذا يعني، أنه بات يستخدم ضمن أخطر الحروب على الإطلاق، وذلك باستخدام التقنيات التكنولوجية المتطورة، واستغلالها في خلق الإرهاب المعلوماتي، والتعبئة، وتجنيد إرهابيين جددا. في المقابل فإنه لا غرابة أن تعتمد الجماعات الإرهابية على دراسات نفسية، وسيكيولوجية للشباب، ودراسة حالاتهم الاجتماعية؛ من أجل الانخراط في دعوات الانغلاق، والتكفير، والتوظيف المشوه للنعرات المذهبية، والطائفية الهدامة التي تضر باستقرار، وأمن البلاد، والإخلال بمقصد النظام العام، ومنظومة الأمن المعلوماتي، وما تفرزه تلك العمليات الإجرامية من تداعيات سلبية على الأمن الوطني للدول، والمجتمعات. تمثل شبكات التواصل الاجتماعي مصدر تهديد صريح للأمن القومي؛ لكونها أصبحت شبكية، وليست هرمية، وبشكل يصعب السيطرة عليها بغلق الحدود، أو تأمينها، بعد أن أصبح تركيز هذه الجماعات منصبًّا على انتشار الفكرة، وتجنيد العناصر عن بعد، وبشكل ذاتي من خلال شبكة الإنترنت، بل انتقلت معسكرات التدريب إلى العالم الافتراضي، فلم يعد يشترط تدريب الأفراد في معسكر تدريب على أرض الواقع في أحد الكهوف، وفي قمم الجبال، بل يكفي العنصر الجديد المفترض أن يحصل على التدريب، وما يريد من معلومات من خلال شبكة الإنترنت، والمواقع الإلكترونية الخاصة بالجماعات الجهادية، وهو ما بات يُعرف اصطلاحًا، ب«الجهاد الشخصي»، كما يقول -الأستاذ- أحمد الشورى. إن الدور المتوازن في عملية التوعية بالأمن القومي للبلاد، وترسيخ الوحدة الوطنية، وتعزيز قيم التضامن، والتماسك الاجتماعي مطالب مهمة، -وبالتالي- فإن توجيهها في المسار الصحيح بما يخدم المصلحة الوطنية للبلاد، هو ما أكد عليه رئيس حملة السكينة -فضيلة الشيخ- عبدالمنعم المشوح -قبل أيام-، عندما أكد على أن: «آلية مواجهة حرب المعلومات، والضخ الرقمي يقتضي تفتيته بالحقائق، وأن على الجهات الرسمية مهمة توفير المعلومة الصحيحة، والإجابات الواضحة عن استفسارات المجتمع، إلى جانب متابعة التطوّرات، وما يستجد من أطروحات؛ لأن غياب الحضور الإعلامي يصنع خطا موازيا للشائعات، وتضخيمها، كما أن رفع مستوى الوعي لدى المجتمع لا يتم إلا بتوفير بيئات معرفية، وإعلامية جاذبة، وموثوقة، وتفاعلية».