التفتت العواصم الخليجية مؤخراً لأهمية وجود مواقع مغطاة ومكيفة بمساحات واسعة لغرض إقامة فعاليات وبرامج خلال فترة الصيف، حيث بات عدد كبير من الخليجيين لا يغادرون منطقة الخليج خلال تلك الفترة على غير العادة، بعد أن كان المتعارف عليه ضمور السياحة في منطقة الخليج بسبب مغادرة مواطني تلك الدول إلى بلدان أخرى بحثاً عن أجواء باردة ومعتدلة وهو ما لا يتوفر في عدد من المدن في الدول الخليجية، إلا أن الأحداث السياسية وتبعاتها الأمنية الأخيرة ألقت بظلالها على هذه العادة المعمول بها مطلع كل إجازة صيفية وبات الخليجيون والعرب وحتى الغرب المقيمين في الخليج يفضلون البقاء في البلاد الخليجية لحالة الأمن والاستقرار وتوافر المنتجعات والفنادق المنوعة بمختلف «النجمات»، بل إن هناك وفودا عدة أصبحت تأتي من أمريكا وروسيا وأوروبا ودول أخرى لقضاء إجازتها متنقله بين الدول الخليجية. الأوضاع الأخيرة ونسبة السياح المسجلة في بعض المدن بالخليج دفعت صناع القرار في السياحة الخليجية لإعادة النظر في الفترة المهملة سابقاً والتي تمثل الصيف بأكملة، والبحث عن حلول عديدة لمواجهة الأجواء خلال تلك الفترة وإيجاد خيارات مختلفة تساعد على تقوية السياحة في الصيف وتقود إلى التغلب على درجات الحرارة المرتفعة، ومن بين تلك الخيارات إيجاد أماكن كبيرة مكيفة تحتضن فعاليات ويقام فيها برامج متعددة تلاقي قبول السائح أكان خليجياً أو عربياً أو غربياً. المدن الترفيهية واحد من أهم الخيارات التي سيكون لها أثر ودور فعال في زيادة حجم السياح في الصيف بدول الخليج «المدن الترفيهية» وتحديداً المغطاة منها، وهو ما عمدت إليه إمارة دبي مؤخراً حين افتتحت أكبر وجهة ترفيهية مغلقة ومكيفة على مستوى العالم، وهي مدينة الألعاب «آي إم جي عالم من المغامرات» التي تبلغ سعتها 30 ألف زائر، وتمتد على مساحة 1.5 مليون قدم مربع، وتضم الكثير من المساحات المخصصة للأطعمة والمشروبات والمتاجر وغيرها. وهو خيار أشاد به الأغلب وشددوا على أنه سيساهم في رفع حصة الدولة الخليجية من السياح في فترة الصيف، خصوصاً أن هناك مدنا أخرى تتجه نحو إقامة أماكن كذلك المكان الذي أقيم في دبي وإن كان بأسلوب وطريقة مختلفة بحسب تخطيط ورغبة كل دولة، فيما الهدف يتوقف على إيجاد أماكن مغلقة ومكيفة تجنب السائح حرارة الصيف. الفنادق اتجه مجموعة كبيرة من الفنادق بمختلف درجاتها على إقامة نشاطات متعددة أثناء ارتفاع درجات الحرارة في صيف دول مجلس التعاون الخليجي. وباتت غالبية الفنادق تشارك في مهرجانات الصيف ليس بتقديم الخصومات على السكن فقط بل إن هناك فنادق عمدت إلى إقامة برامج ترفيهية جاذبة داخل قاعاتها الفارهة التي كانت مخصصة للاجتماعات والأفراح، إلى جانب الاهتمام بما يجذب الأسرة من خلال توفير فعاليات وبرامج خاصة بالعائلة وبالتحديد الأطفال الذي يشكلون محور السفر الأساس لكل أسرة للتعويض عن عام دراسي شاق. ففي الصيف الماضي تميز بعض الفنادق في الإماراتوقطر على وجه الخصوص في تنفيذ مجموعة كبيرة من الفعاليات التي تهم الأسرة وكذا الشباب في الفنادق، حيث بادرت هذه الفنادق إلى خلق أجواء ترفيهية مميزة انعكست على نسبة الأشغال داخل تلك الفنادق فضلاً عن المساهمة في المنافسة على لفت نظر السائح وصرفة عن السفر إلى الدول البعيدة هرباً من حرارة الصيف. المولات المراكز التجارية الكبرى موجودة بكثرة وبمستويات مختلفة في الخليج ومنذ القدم إلا أن الجديد الذي طرأ عليها مؤخراً هو تحريكها وتفعيلها لناحية المشاركة في الفعاليات الصيفية من خلال تشجيعها على تنفيذ مجموعة من البرامج التي تدفع الزائر إلى البقاء في المول لأطول وقت مستمتعاً بالتكييف ومستفيداً من البرامج التي تقام. ففي السابق كان دور المولات متوقف على التسوق أو مشاهدة السينما وتناول الأكل، أما اليوم فهناك فعاليات ترفيهية عدة تنفذ داخل تلك «المولات» وتساعد على إمتاع السائح وتجنيبه الخروج في الطقس الحار. وهناك عواصم خليجية عديدة مهتمه بهذا المجال وتتوفر استثمارات كبرى على هذا النحو، ففي الرياض على سبيل المثال يجري العمل على إقامة مولين كبيرين وسيشكلان علامة فارقة في عالم المولات بالشرق الأوسط والعالم، وهما «مول السعودية» و»الرياض أفنيو» الذين بدأ العمل فيهما ويقامان على مساحات واسعة وسيكون لهما دور رائد في تحريك السياحة في العاصمة الرياض. خيار الضرورة يقول المتخصص في السياحة والسفر سلمان السالم، ل «الجزيرة»: السياحة في دول الخليج تعاني ركوداً متراكماً امتد لسنوات طويلة أثناء فترة الصيف وذلك لأسباب متعلقة بالطقس حيث ترتفع درجات الحرارة، ويصبح من الصعوبة الخروج في الأماكن العامة عند تلك الفترة، وهو ما يصيب السياحة الخليجية بحالة من الكسل وفقدان الحركة التشغيلية. ويضيف: «باستثناء صلالة في عمان التي تتميز بطقس جميل فترة الصيف مع وجود اهتمام من الحكومة العمانية بتلك المنطقة، لا توجد هناك أماكن ذات طقس جميل ومعتدل في أماكن أخرى من دول الخليج عدا جنوب السعودية عسير والباحة إلا أن هاتين المنطقتين تعانيان غياب البنى التحتية السياحية وهو ما يجعل دورهما في مسألة الجذب السياحي محدوداً». ويؤكد السالم، أن السياحة المكيفة إن جاز التعبير هي خيار الضرورة والأمر الذي لا بد من التوسع فيه في منطقة الخليج ليس لفترة الصيف وحسب بل وحتى خلال فترة الشتاء مع نزول الأمطار، فمن المعروف أن الأمطار في دول الخليج تكون قوية وغزيرة وبالتالي وجود مكان مغطى تتوفر بداخلة فعاليات وبرامج جاذبة مهم للغاية وهو الأمر الذي يتوجب على مسئولي السياحة في دول مجلس التعاون الخليجي التركيز عليه بشكل أكبر للفترة المقبلة خصوصاً إذا ما علمنا أن منطقتنا ستشهد حدثين كبيرين يقامان للمرة الأولى في الخليج وهما أكسبو 2020 في دبي وكأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر.