هيئة الصحفيين بالطائف تعقد اللقاء التشاوري    بدء تسجيل رغبات الحج للمواطنين والمقيمين لموسم هذا العام.. إلكترونياً        مصرع شخصين في تحطم طائرة صغيرة في «البرازيل»    النصر يتغلّب على الفيحاء بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    ضبط شخص في جازان لتهريبه (60) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    «سلمان للإغاثة» يوزع 492 سلة غذائية في منطقة بإقليم خيبر بختون خوا في باكستان    «تعليم الرياض» يحصد 39 جائزة في «إبداع 2025»    تتويج السعودي آل جميان بلقب فارس المنكوس    درجات الحرارة الصفرية تؤدي لتجمد المياه في الأماكن المفتوحة بتبوك    لا يحتاج للوقت.. دوران يسجل ثنائية في فوز النصر على الفيحاء بالثلاثة    الفروة السعودية تتوهج في الأسياد الشتوية    وزير الصناعة يختتم زيارة رسمية إلى الهند    أمير القصيم يهنئ تجمع القصيم الصحي بفوزه بأربع جوائز في ملتقى نموذج الرعاية الصحية 2025    "إفلات من العقاب".. تحذير دولي من استهداف ترامب ل"الجنائية الدولية"    اتصالات «مصرية - عربية» لتوحيد المواقف بشأن مخطط التهجير    خطيب الحرم المكي: كل من أعجب بقوته من الخلق واعتمد عليها خسر وهلك    "احمِ قلبك" تنطلق لتعزيز الوعي الصحي والتكفل بعلاج المرضى غير المقتدرين    رئيس مجلس الشورى يلتقي رئيس مجلس الشيوخ التايلندي    المفوض الأممي لحقوق الإنسان: عنف أشد "سيحل" شرقي الكونغو    واشنطن ترفض مشاركة«حزب الله» في الحكومة الجديدة    مفتي عام المملكة ونائبه يتسلمان التقرير السنوي لنشاط العلاقات العامة والإعلام لعام 2024    خطبة المسجد النبوي: من رام في الدنيا حياةً خالية من الهموم والأكدار فقد رام محالًا    الأندية الإنجليزية تتفوق على السعودية في قائمة الانفاق في سوق الشتاء    أسعار النفط بين التذبذب والتراجع.. لعبة التوترات التجارية والمعروض المتزايد    النمر العربي.. مفترس نادر يواجه خطر الانقراض    السجن 45 ألف عام لمحتال «بنك المزرعة»    مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات.. الحلم تحول إلى واقع    العُلا.. متحف الأرض المفتوح وسِجل الزمن الصخري    ملامح الزمن في ريشة زيدان: رحلة فنية عبر الماضي والحاضر والمستقبل    «تبادل القمصان»    ناقتك مرهّمة؟!    «الشورى» يوافق على 5 مذكرات تفاهم مع دول شقيقة وصديقة    كأس العالم للرياضات الإلكترونية يضم "FATALFURY" إلى قائمة بطولات الأندية لنسخة 2025    «حصوة وكرة غولف» في بطنك !    أدريان ميرونك يتصدر منافسات الأفراد في أول أيام بطولة "ليف جولف الرياض"    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    ما العلاقة بين لقاحات كورونا وصحة القلب ؟    أضرار الأشعة فوق البنفسجية من النافذة    إنترميلان يسقط بثلاثية أمام فيورنتينا بالدوري الإيطالي    لصوص النت.. مجرمون بلا أقنعة    أرض الحضارات    الأردن: إخلاء 68 شخصاً حاصرهم الغبار في «معان»    سبق تشخيصه ب«اضطراب ثنائي القطب».. مغني راب أمريكي يعلن إصابته ب«التوحد»    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    دور وزارة الثقافة في وطن اقرأ    كيف كنا وكيف أصبحنا    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس الجزائر في وفاة رئيس الحكومة الأسبق    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    الملك وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    الحميدي الرخيص في ذمة الله    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    الرديني يحتفل بعقد قران نجله ساهر    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    ألما يعرض 30 عملا للفنانة وفاء الشهراني    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يصحّ التفاضل بين اللغات؟ وأين مكان العربية؟ 7
نشر في الجزيرة يوم 08 - 10 - 2016

40 - ومن حسن ائتلاف الأصوات في العربية أنه ليس فيها كلمة خماسية أو رباعية غير مضاعفة تخلو من حرفٍ من حروف الذلاقة، ليكسبها ذلك حسنا وشيئًا من التوازن الصوتي، وهذا يدل على حكمة العربية في صناعة المفردة. وسميت بذلك؛ لأن الذلاقة -أي السرعة في النطق- إنما هي برأس اللسان والشفتين، والحروف الذلق حروف طرف اللسان والشفة، وهي ستة أحرف، ثلاثة ذلقية اللام والراء والنون وثلاثة شفهية الباء والفاء والميم. يجمعها قولهم: (مر بنفل) وهذه الأحرف الستة أحسن الحروف امتزاجا بغيرها، ولا تجد كلمة رباعية أو خماسية أصيلة إلا وفيها شيء منها، فليس في كلامهم مثل: عقجش أو حكاثج أو صقعد أو جعكص، ولذا حكموا على عسجد بأنها أعجمية لخلوها من حروف الذلاقة.
41 - ومما تمتاز به العربية رمزية الصوت، وهو باب صوتي/دلالي لطيف، والعرب تصدر في لغتها عن حكمة مقصودة وعلل منطقية مقبولة، والحرف في أصل لغتهم صوت قد يدل على معنى زائد في ذاته، فمثلا الحاء تدل على الحرارة، ونجد ذلك في عدد من الكلمات التي تبدأ بهذا الحرف، مثل: حميم/ حَرّ/ حرّة/ حرارة/ حريق/ الحرّيف/ حسد/ حرافة/ وهو الطعم الحار، وحتى الحبّ، فيه معنى الحرارة والدفء، وإن كان هذا لا يطّرد إلا أنه باب واسع في العربية، حتى قال ابن جني (الخصائص 2/162): إنه لو شاء لكتب فيه أوراقًا مِئين.. وذكر أنهم قد يختارون للكلمة أصواتًا تعبّر عن ترتيب أجزاء الحَدَث، كالفعل: (بحث) فالباء لغلظها تشبه بصوتها خفقة الكفّ على الأرض والحاء لصحلها تشبه مخالب الأسد أو الذئب إذا غارت في الأرض، والثاء لنفث التراب ونفيه، وكالفعل: (شدّ الحبل) ونحوه، فالشين بما فيها من التفشّي تشبه بالصوت أول انجذاب الحبل قبل استحكام العقد ثم يليه إحكام الشدّ وتأريب العقد فيُعبّر عنه بالدال التي هي أقوى من الشين، لا سيما وهي مدغمة.. وهذا باب دقيق يحتاج إلى لطف الصنعة لاستخراج ما فيه. ويحذر ابن جني من إنكاره دون علم، ويقول: (الخصائص 2/ 164): «فإن أنت رأيت شيئًا من هذا النحو لا ينقاد لك فيما رسمناه, ولا يتابعك على ما أوردناه, فأحد أمرين: إما أن تكون لم تنعم النظر فيه فيقعد بك فكرك عنه, أو لأن لهذه اللغة أصولًا وأوائل قد تخفى عنا وتقصر أسبابها دوننا كما قال سيبويه، أو لأنَّ الأول وصل إليه علم لم يصل إلى الآخر».
42 - ويذهب اللغوي المعاصر (عبدالله العلايلي) بعيدًا في رمزية الصوت العربي في كتابه (مقدمة لدرس لغة العرب) حين يضع جدولاً كاملا لحروف الهجاء؛ يحدّد فيه معنى كلّ حرف، ويعدّه نواة لمعاني اللّغة في دورها القديم، ومنهجًا لدراسة الجذور التي يراها نشأت أحادية لا ثنائية، ووافقه باحثون وخالفه باحثون. وأكتفي هنا بذكر معاني الأصوات السبعة الأُوَل في (الأبتثية العربية) كما يراها؛ وهي على النحو التالي:
- الهمزة: تدلّ على الجوفيّة، وعلى ما هو وعاء للمعنى، وتدلّ على الصّفة تصير طبعاً.
- الباء: تدلّ على بلوغ المعنى في الشيء بلوغاً تامّاً، وتدلّ على القوام الصّلب.
- التّاء: تدلّ على الاضطراب في الطبيعة، أو الملابس للطبيعة في غير ما يكون شديداً.
- الثّاء: تدلّ على التّعلق بالشيء تعلقاً له علامته الظاهرة في الحِسِّ أو في المعنى.
- الجيم: تدلّ على العِظَمِ مطلقاً.
- الحاء: تدلّ على التَّماسك البالغ، وبالأخصِّ في الخفيّات، وتدلُّ على المائيَّة.
- الخاء: تدلّ على المطاوعة والانتشار، وعلى التَّلاشي مطلقاً.
43- ومن خصائص العربية أن كثيرًا من ألفاظها في توالي حروفها تجانس معانيها، وعقد ابن جني لهذا بابا في الخصائص سماه: (باب إمساس الألفاظ أشباه المعاني) وهو يرى الإمساس من وجهين؛ أحدهما: أصوات الكلمة، والآخر: بنيتها الصرفية، والإمساس باب واسع كما يقول ابن جني، وذلك أنهم كثيرًا ما يجعلون أصوات الحروف على سَمْتِ الأحداث المعبَّر بها عنها, فيعدلونها بها ويحتذونها عليها, وهو أكثر مما نقدّره، وأضعاف ما نستشعره، ومنه: خَضِمَ وقَضِمَ, فالخَضْم لأكل الرَّطْب كالبِطِّيخ والقِثّاء وما كان نحوهما من المأكول الرطب, والقَضْم للصُّلب اليابس نحو: قَضِمَت الدّابّة شعيرها، ونحو ذلك؛ فاختاروا الخاء لرخاوتها للرطب, والقاف لصلابتها لليابس حذوًا لمسموع الأصوات على محسوس الأحداث.. وهذا كثير يضيق عنه الحال والمقال، وفي خصائص ابن جني حشد وتفصيل لمن أراد الوقوف عليه. (يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.